الأربعاء، 8 سبتمبر 2021

ملاحظات علمية على الخبر المنشور بعنوان: (دراسة تكشف بأن الأحساء موطن تمور البرني)

 

ملاحظات علمية على الخبر المنشور بعنوان:

(دراسة تكشف بأن الأحساء موطن تمور البرني)

 

تحت هذا العنوان نُشر هذا الخبر في جريدة الرياض  في عددها الإلكتروني ليوم الأربعاء 1 صفر 1443هـ الموافق 8 سبتمبر 2021م، عبر الرابط: https://www.alriyadh.com/1905547.

وقد قمت بالرد عليه من خلال خاصية الردّ للقراء في ذات اليوم، ولكنهم لم ينشروا ردّي حتى الآن، وفي هذا الخبر أخطاءٌ واضحة لا تتفق مع منهج البحث العلمي، فقد زعم كاتب الخبر أنّ هذه الدراسة قد كشفت عن الموطن الأصلي لصنف تمور "البرني"!! الذي أشاد به رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وآله سلم قبل أكثر من 1400 سنة، هو "هجر" التي هي نفسها واحة الأحساء، والواقع هو أنّ كون هجر هي الموطن الأصلي لتمر البرني لا يحتاج إلى مثل هذه الدراسة، فهو مذكور في كتب السيرة والتاريخ والأدب، وفي مادة [برن] من معاجم اللغة العربية.

كما قال كاتب الخبر إنّ الدراسة قامت بإجراء فحوصات وتحاليل مقارنة الحمض النووي (DNA) لتمور متحجرة تعود للعام 160هـ لم يذكر أين وجدوها - وهذا خطأ علمي – كما ذكر أنّ الدراسة أجريت حسب قوله في مختبرات ومعامل متخصصة ومراكز بحثية محلية وعالمية في سويسرا، ولم يذكروا اسمها - وهذا خطأ آخر – وذكر أيضاً أنّ القائمين على الدراسة قد وجدوا أنّ نتائج الفحوصات أثبتت أنّ هذه التمرات المتحجرة تطابق صفاتها تمر "الرزيز" الموجود في الأحساء بنسبة 92%، وأن التغييرات الجينية التي طرأت على الصنف محدودة جدًا، وهو ما جعل القائمين عليها يجزمون جزماً قاطعاً أنّ الرزيز هو البرني وفق ذلك!!، وهذا ثالث خطأ، علمي، وهو من أكبر الأخطاء؛ لأنّ فحوصات التحليل الجيني للبصمة الوراثية (DNA) هي فحوصات تُعمل لمعرفة بصمة الجينات الوراثية المخزنة والمشفرة في الكائنات الحيّة، والمنتقلة عبر تسلسل الحمض النووي لها من المُوَرِّث إلى الوَاْرِث عبر أطوار التاريخ، ولكنّ هذا الفحص لا يُعمل لمعرفة الأسماء التاريخية للكائنات الحيّة، ولهذا فإنّ القائمين على هذا الفحص – إن كانوا قد قاموا به بمنهجية علمية – فإنهم لن يحصلوا منه على الاسم التاريخي لهذه التمرات المُجرى عليها هذا الفحص، ولن يقول لهم هذا الفحصُ إنّ هذه التمرات هي من نوع البرني، وإنما سيكون كلُّ الذي يحصلون عليه من هذا الفحص هو إخباره لهم بأنّ هذه التمرات تتشابه جينياً ووراثياً مع جينات تمر الرزيز فقط لا غير من دون إعطاء أسماء، وعند هذا الحدّ، فإنه لا غرابة في هذا الأمر مطلقاً، فتمر الرزيز كان هو الآخر موجوداً في هجر أيام الرسول، وأرجحُ أنه هو تمر التعضوض الذي كان أحد أكثر تمور هجر شهرة مع البرني، فمن صفات التعضوض كما في مادة [عض] من معاجم اللغة ككتاب العين، وتهذيب اللغة للأزهري أسير القرامطة في البحرين، والمحكم والمحيط الأعظم لابن سيّده وغيرها؛ أنه:

    · أسودٌ شديد الحلاوة.

    · ذو تمرة طحلاء صقرة لذيذة.

    · فيها تحزيز كأنّه آثار العَضّ.

    · معدنه هجر وقراها.

وهذه الصفات واضحة جداً في تمر الرزيز أكثر من غيره من تمور الأحساء، ولاسيما اللون الأسود، وما يشبه آثار العض؛ كما أنه ينبغي لناشري هذه الدراسة أن يعرفوا بأنّ المنهج العلمي لا يبيح لهم أن يتبرعوا بإطلاق اسم البرنيّ على تلك التمرات المتحجرة، وإنما كان من المفترض عليهم أن يذكروا تشابه نتائج التحاليل المختبرية التي أجريت عليها بفحص (DNA) مع صفات تمر الرزيز المعروف في الأحساء الآن فقط، ولو أنهم رجعوا إلى المعاجم اللغوية والمصادر الأدبية التي ذكرت صفات البرني لوجدوا أنّ اللغويين  اتفقوا على أنّ من صفات البرني أنّ رُطَبَه أصْفرٌ مُشَرَّبٌ بحُمْرَة، وتمْرُهُ أحْمَرٌ مُشَرَّبٌ بصُفْرَةٍ.



 تمر الرزيز الأحسائي، ويلاحظ أنه أسود اللون أطحله، وفيه تحزيز يشبه آثار العض 
تماماً كما ورد في وصف التعضوض في المعاجم اللغوية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق