الأربعاء، 19 مايو 2021

تصحيح وتحديد المواضع الواردة في نونية المثقّب العبدي

تصحيح وتحديد المواضع الواردة في نونية المثقّب العبدي

في رحلته من القطيف إلى الحيرة

   عبد الخالق بن عبد الجليل الجنبي

المُثَقّبُ اسمُه ونسَبُه:

الصَّحيْح في اسمهِ هو: عَاْئِذُ بنُ مِحْصَنِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ وَاْئِلَةَ بنِ عَدِيِّ بنِ عَوْفِ بنِ دُهْنِ بنِ عُذْرَةَ بنِ مِنْبَهِ بن نُكْرَةَ بن لُكُيْزِ بنِ أفْصَىْ بنِ عبد القَيْسْ؛ النُّكْرِيُّ العَبْدِيّْ.

هكذا نسبه علامة أنساب العرب؛ هشام بن محمد بن السائب الكلبي، ومعظم من ترجم له أخذوا هذا النسب عنه، وإن كان بعضهم ذكر أنّ اسمه: شاس وهو خلْطٌ بين اسمه واسم ابن أخته الممزَّق النُّكْرُيُّ العَبْدِيّ، وبعضهم ذكر أنّ اسمه: محصن، وهو اسمُ أبيه كما نلاحظ من سلسلة نسبه هذه، وهذه كلها أقوال انفرد بها أصحابها، والمتفق عليه عند الغالبية الساحقة هو ما نسبه به الكلبي.

قبيلته نُكْرَة ومنازلها:

تُعتبر نكرة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس إحدى عمارات قبيلة عبد القيس،وينتسب إليها كثيرٌ من رجالات عبد القيس وفرسانها وشعرائها، ومنهم أشهر شعرائها على الإطلاق: المثقب النُّكريُّ، والممزق النُّكريُّ، والمُفَضَّلُ النُّكْريّ صاحب المنصفة؛ كما كان منهم: كرّارٌ النُّكْرُيُّ الذي دلّ جيش المسلمين في القرن الأول الهجري على المخاضة التي خاضوا منها إلى جزيرة تاروت لمحاربة فلول الفرس الذين هربوا إلى دارين بعد أن تمتْ هزيمتهم في الزارة، ومن بني نُكرَة أيضاً: الرَّيّانُ النُّكْريُّ الثائر على بني أمية في القطيف عام 76 للهجرة، ومن مشهوريهم الأعلم النُّكري أحد شجعان عبد القيس، ومسلم بن معدان الشَّزَنيُّ النُّكريُّ الذي ذكره البلاذري في (أنساب الأشراف)، وروى عن هشام بن محمد الكلبي أنه هو الذي عرقب جمل عائشة يوم الجمل بعد أن كثرت القتلى حوله، ونقل عنه أنه من ولد شزن بن نكرة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس.

وكان لبني نُكرة شهرة في الفروسية والحروب قبل الإسلام، وَوَرَدَ اسمها في أحد أهم النقوش اليمنية المكتشفة حتى الآن، وهو نقش عبدان الكبير العائد للعام 360 للميلاد؛ الذي ورد فيه اسم قبيلة عبد القيس وعمارتيها الكُبريين؛ بني نكرة بن لُكَيْز بن أفصى بن عبد القيس، وبني عمّهم: شنّ بن أفصى بن عبد القيس.

وأما عن منازل بني نكرة بن لكيز، فقد حددها لنا بعض المؤرخين في البحرين وعُمان، ومن هؤلاء المؤرخين أبو عبيد البكريّ الذي احتفظ لنا بنصٍّ وافٍ نقله عن كتاب (تفرق قبائل معد) لهشام الكلبي، فكان من ضمن هذا النصّ قوله بعد أن ذكر سبب رحيل عبد القيس من تهامة ونزولهم البحرين:

"ونزلت نكرة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس وسط القطيف وما حوله".[1]

ثم ذكر عن ابن شبّة قوله:

"وقال ابن شبّة: نزلت نكرة الشّفار والظّهران، إلى الرمل وما بين هجر إلى قطر وبينونة؛ وإنما سمّيت بينونة لأنها وسط بين البحرين وعمان، فصارت بينهما".[2]

ولا تناقض بين هذين القولين لأنّ الظهران في التاريخ القديم تُعدُّ من القطيف المعروفة بالخط، وفي ذلك يقول ابن المقرَّب العيونيّ العبدي:

والخَطّ مِنْ صَفْوَاْءَ حَاْزُوْهَاْ فَما

أبْقَوْا بهَا شِبراً إلىْ الظَّــــهْرَاْنِ

وثمّة دليل آخر يدلُّ على أنّ بني نُكرة قد سكنوا وسط القطيف، وهو أنه كان منهم كرارٌ النُّكريُّ الذي دل جيش المسلمين على المخاضة إلى جزيرة تاروت عندما هربت فلول الفرس من الزارة إلى دارين، وهذه المخاضة لا يعرفها حق المعرفة إلا من سكن سُرّة القطيف؛ كما يدل على سكن بني نكرة في القطيف أيضاً أنّ من قراها قرية (طابْ)، وهي القرية التي كانت مَسْكَنَ ريّانٍ النُّكريّ الثائر على الأمويين عام 76 للهجرة كما سبق وذكرت، وهذه القرية هي التي سمّاها لوريمر بـ(طابا) عاداً لها من ضمن مياه برّ الظهران، فقال في كتابه الموسوعي (دليل الخليج):

"طابا: جنوبي صويبع بميلين، وعلى ذات المسافة غربي الشمال الغربي من جبل المدرع في برّ الظهران".[3]

وقد رأينا قبل قليل أنّ الظهران عدّها ابن شبة من مساكن بني نكرة في الخط (القطيف).

ولأنّ بني نكرة - كما سبق وقلت تُعدُّ من عمارات عبد القيس الكبيرة، فهي كانت كثيرة البطون والأفخاذ والجماعات، فلا غرابة أنهم سكنوا أول الأمر في القطيف كما ذكر الكلبي، ثم انتشروا منها، فسكنوا الشقاب التي حددها الإدريسي في ساحل قطر قرب سلوى، والتي تحرَّفت إلى الشفار والشقار كما في نصّ ابن شبة، وعند ياقوت في هذين الرَّسمين الأخيرين على الترتيب.

ومن بطون بني نُكرة بن لكيز الذين سكنوا عُمان والبحرين: قومٌ من بني مِنْبَه بن نُكرة بن لُكيز لأنه يبدو أنهم هم المعنيون في شعر أحمد بن جميل الحديدي الأزدي الذي قاله في وصف وقعة الخيام من عوتب بصحار عُمان، والتي كانت بين الأزد من جهة وبين عوف بن عامر بن الحارث العبديين سكان تؤام والبحرين ومن معهم من بطون عبد القيس وغيرهم من جهة أخرى، وقد جاء في هذا الشعر قوله:[4]

يا لكَ بالقاعِ منْ صَـــبَاْحِ

قاعِ خِيَامٍ إلى القَـــــــرَاْحِ

أنْعَلَتِ الخَيْلُ هَاْمَ (عَوْفٍ)

مِنْ بينِ طَاْهَاْ إلىْ وَقَــــاْحِ

وخُضْنَ مِنْ (مِنْبَهٍ) دِمَــاْءً

كَزَاْخِرِ اليَمِّ ذِيْ الطّـــماْحِ

ولعل من سماه العوتبي بزياد بن سعيد النكري هو من منبه بن نكرة هؤلاء.[5]

إلا أنّ الجمهور الأكبر من بني منْبه النُّكريين كانوا في البحرين، والذين كانوا منهم في عُمان واليمن كانوا قوماً منهم، وهو ما نراه في نصٍّ صريح لابن قتيبة يقول فيه:

"فأما نُكْرَة، فهم: حُلفاء جَذِيمة،[6] ومنهم: مِنْبَهُ بنُ نُكْرَة، وهم أهل البحرين، وفيهم العدد والشرف؛ منهم: المثقّب العبديّ الشاعر، والممزّق الشاعر، والمفضل بن عامر الشاعر، صاحب القصيدة المنصفة، وبعُمان قومٌ من نُكْرة، وباليَمَنِ قومٌ منهمْ".[7]

ويضيف لنا البكري في النصّ المنقول عن الكلبي قوله: إنّ بني عمرو بن نكرة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس دخلوا جوف عُمان مع بطون من قبيلتهم عبد القيس، وصاروا شركاء للأزد بها في بلادهم، وهم الذين يُسمَّوْن: أتلادَ عُمَان،[8] ومن بني عمرو بن نكرة هؤلاء: أمُّ المُهَلَّب بن أبي صُفرة الأزدي العُماني؛ القائد المعروف في زمن بني أمية، واسمُ أمه كما روى العوتبي عن أحد أحفاده، وهو حاتم بن قبيصة: سلمى بنت مالك بنت حمي بن مالك ، من بني عمرو بن كندة بن عبد القيس، وفي رواية أخرى عن خلف بن المثنّى ذكر أن أمّ المُهلَّب هي: مسكة بنت داحية؛ من بني عمرو بن بكرة؛ كذا ورد عند العوتبي في أنسابه[9] ونسخه كثيرة التحريف، وكندة وبكرة تحريف نُكرة.

ومن كل ذلك يتضح لنا أنّ الجمهرة الكبرى من بني نُكرة كانوا في البحرين، ولاسيما بنو مِنْبَه قوم شاعرنا المثقب العبدي الذي هو بحراني قطيفي، وسنجد أنّ المواضع قيد البحث التي سيذكرها في نونيته هي مواضع تقع في القطيف التاريخية، أو الخطّ كما سنرى.

لقبه المُثَقّب، وسبب تلقيبه به

واختلفوا في لقبه هل هو بتشديد القاف وفتحها، أو بتشديدها وكسرها، وفي هذا الصدد يقول ابن السيد البطليوسي في كتابه (الاقتضاب في شرح أدب الكُتّاب):[10]

"وسُمّيَ المُثَقّبَ لقَولهِ في هذه القصيدة:

رَدَدْنَ تحيَّةً وَكَتَمْنَ أخْــــــرَىْ

وَثَقَّبْنَ الوَصَاْوُصَ للْعُـــــيُوْنِ

وهذا قولُ من قال المُثَقَّبُ بفَتْحِ القَافْ، وَمن قالَ المُثَقِّبَ بالكَسْرِ سَمَّاه بقوله:

فَلا يَدْعُنِيْ قَوْمِيْ لِنَصْرِ عَشِيرَتي

لَئِنْ أنَا لمْ أجْلِبْ عَلَيْهِمْ وَأثْقُبِ"

قصيدته النونية

قال المثقب هذه القصيدة في أثناء رحلته من البحرين، ثم من القطيف منها على وجه التحديد إلى الحيرة حيث ممدوحه فيها، وهو ملكُها عمرو بن هند النَّصريّ اللخمي المشهور في أدبيات العرب، والذي كانت تربط الشاعر به علاقة قوية كما يبدو ذلك من عتابه له في آخر هذه القصيدة، وكما نصّ على ذلك ابن قتيبة في ترجمة المثقّب من كتابه (الشعر والشعراء)؛ حيث ذكر أنه هو المعني بـ"عمرو" في آخر هذه القصيدة.

وهذه القصيدة اختارها المفضل ضمن القصائد التي اختارها، والتي عُرفت باسم (المفضليات)، وتُعتبر هذه القصيدة من عاليّ الشِّعْر؛ الذي أجمع علماء الشعر العربي القدماء والمحدثين على جودته وسموّ معانيه وجمال موسقته؛ حتى قال أبو عمرو بن العلاء، وهو أحد القراء السبعة، والأديب المشهور:

"لَوْ كَاْنَ الشِّعْرُ مِثْلَهَا لَوَجَبَ عَلَىْ النَّاسِ أنْ يَتَعَلَّمُوْهْ".[11]

وذكر أبو حيّان التوحيدي في كتابه (الصداقة والصديق) أنّ الوزير المهلبي وزير آل بويه كان تعجبه الأبيات التي تقول من هذه القصيدة:

فأما أن تكون أخي بحـــــق

فأعرف منك غثي من سميني

وإلا فاطرحني واتخــــــذني

عدوا أتقيك وتــــــــتقيني

فإني لو تخالفني شــــــــمالي

خلافك ما وصلت بها يميني

إذا لقطعتها ولقـــــلت بيني

كذلك أجتوي من يجــتويني

وعلى الرغم من إعجاب علماء الأدب العربي القدماء بهذه القصيدة إلا أنّ الإنسان يجزم بأنهم لم يوصلوها إلينا كاملة كما قالها صاحبها، وذلك إننا نجد المثقّب يبدأ قصيدته هذه بذكر اسم حبيبته كعادة شعراء عصره، واسمها فاطمة، فيبدأ بعتابها على صدودها عنه ومخالفتها لمواعيدها له في أربعة أبيات فقط، وهي قوله:

أَفاطِـمُ قَبـلَ بَيـنِـكِ مَتِّعــِــيـني

وَمَنـعُـكِ ما سَأَلتُـكِ أَن تَــبيني

فَـلا تَـعِــدي مَواعِـدَ كـاذِبـاتٍ

تَمُـرُّ بِها رِياحُ الصَـــــيـفِ دُوْنيْ

فَـإِنّــي لَو تُخـالِفُـنـي شِـــمـاليْ

خِلافَـكِ ما وَصَلتُ بِها يَـــميني

إِذاً لَقَطَـعـتُهـا وَلَقُـــلتُ بِيـنِـيْ

كَـذَلِكَ أَجتَـويْ مَن يَجـتَـويـنـيْ

ولكنَّ البيتين الأخيرين من هذه الأربعة جاء ترتيبهما في آخر القصيدة في بعض كتب الأدب موجهةً لعمرو بن هند في آخر القصيدة، وهو الأليَق بهما،[12] وإذا صحّ ذلك، فإنه يعني أنه ذكر حبيبته في بيتين فقط، وهو ما لا يمكن القبول به.

ثم تبدأ القصيدة بعد هذه الأبيات في ذكر خروج قافلة من مكان أسماه بـ(الوادي) متجهة نحو الحيرة على طريق الفطح القديم، فذكر مرور هذه القافلة على ثمانية مواضع فيما بين هذين الموضعين فقط، واثنان من هذه المواضع لم يردا في الديوان، وإنما ذكرهما أبو عبيدة ضمن بيتٍ ساقط من الديوان، واستدركه الأنباري عنه في شرحه للمفضليات كما سنرى، وآخر هذه المواضع الثمانية هو فَلْج (الباطن)، ولم يذكر بعده أي موضع فيما بينه وبين الحيرة، وهذا يقوّي سقوط أبيات من هذه القصيدة لا بد أنْ يكون قد ذكر فيها بعض المواضع في تلك الناحية.

وأياً كان الأمر، فهذه المواضع الثمانية هي المواضع التي سوف أحاول أن أقدم تصحيحاً وتحديداً لها في هذا البحث.

تصحيح أسماء المواضع المذكورة في القصيدة وتحديدها

لقد اعتمدت في قراءتي لنصّ هذه القصيدة على عدة نسخ مخطوطة لديوان المثقب وشرحه لتصحيح قراءة الأبيات، وهذه النسخ هي كالتالي:

1.   مخطوطة مكتبة تشستربيتي بإيرلندا؛ من مخطوطات القرن السابع الهجري، ورقمها: 4170، وسأسميها: تشستربيتي.

2.   مخطوطة مكتبة سليمان باشا بتركيا، ورقمها: 867، بدون تاريخ، ولكن سنة وقفها في المكتبة كان في العام 1145هـ، فهي أقدم من هذا التاريخ، وسأسميها: السليمانية.

3.   مخطوطة دار الكتب المصرية بالقاهرة؛ بدون تاريخ، ورقمها: 3 147، وسأسميها: الدّارية.

4.   مخطوطة دار الكتب المصرية بالقاهرة؛ تاريخ نسخها 1345هـ، ورقمها: 4813، وسأسميها: البارودية.[13]

هذا بالإضافة إلى بعض المصادر الأدبية القديمة، ولاسيما كتب المجاميع الشعرية كالمفضليات وشروحها وبعض كتب الأمالي كـ(أمالي اليزيدي)، وسوف أتبع نهج أسلافنا القدماء من شرّاح الشعر العربي القديم في شرح الأبيات الآتية من نونية المثقَّب العبدي، والتعريف بما فيها من مواضع وأعلام، وهو أنْ أكتب البيت بخطٍّ عريض، وتحته الشرح الخاص به، فهذه الطريقة هي الأفضل لإيصال المعنى إلى ذهن القارئ وربطه بالبيت قيد الشرح من الطريقة الحديثة التي تعتمد كتابة الشرح والتعريفات بما يرد في الأبيات في الحواشي والهوامش السفلية.

قال المثَقّب:

                لِمَنْ ظُـعُنٌ تَـطَالَــــعُ مِنْ ( ضُبَيْبٍ )

                                 فَمَا خَرَجَتْ مِنِ ( الوَادِيْ ) لِحِيْنِ

ضُبَيْب: في نسخة (تشستر بتي): كتبت: صبيب - بالصَّاد المهملة - وأراه تصحيفاً قديماً سبّبَ ربكةً كبيرة للغويين والجغرافيين القدماء كما سنرى لأنّ هذه النسخة تعود للقرن السابع الهجري، وما أثبته أي ضُبيب بالمعجمة هو قراءة نسخ: السُّليمانية، والدارية، والبارودية، وهي كذلك قراءة المفضل الضبّي في مفضلياته،[14] وشروحها للتبريزي وابن الأنباري، وهي الضُّبيْب عند اليزيدي في أماليه،[15] وهي قراءة كثيرٍ ممن جاء بعدهم من أصحاب الأمالي والمجاميع الشعرية.

نعم ورد باسم (صُبَيْب) - كما في نسخة (تشستربتي) - في بعض المصادر، ففي شرح المفضليات، ثم في شرح هذه القصيدة؛ قال التبريزي الذي ذكره في الشعر باسم ضبيب:

"ضُبيب: موضع .. ويُروى صبيب، وهو موضع أيضاً".[16]

وأما في شرح الأنباري، فقد ذكره باسم ضُبيب في الشعر، ولكنه ذكر في الشرح عن أبي الحسن الطوسي أنه سمع بعض أهل الرواية يُنشده "صبيب" بالمهملة.[17]

والسبب في هذه الازدواجية في هذا الاسم يعود لأمرين؛ أولهما التصحيف، وهو داءٌ عضال ابتلي به التراث العربي من قبل رواته، والثاني هو وجود موضع في الحجاز اسمه (صبيب)، ففي رسمه من معجم البلدان للحموي؛ قال:

"صُبَيْبٌ: - تصغير الصَّبّ - بباءين موحدتين، .. وهي بركة على يمين القاصد إلى مكة من واقصة على ميلين من الجويّ، وقد رُوِيَ صَبـيْبَ - بالفتح وكسر الباء - في قول المثقّب العبدي:

لمن ظُعُنٌ تَطَاْلَعُ مِنْ صَبـيْبٍ    فَمَاْ خَرَجَتْ مِنِ الوَاْدِيْ لِحِـينِ".

وهذه الازدواجية في أسماء المواضع طالما أربكت الشرّاح القدماء من لغويين وجغرافيين،ولهذا ذكروه في شعر المثقب مرّةً (ضُبيب) بالضاد المضمومة، ومرّة (صبيب) بالصاد المهملة، ولهذا أيضاً نجد نصراً الإسكندريّ يفرد لهذين الاسمين باباً في كتابه (الأمكنة والمياه) الذي ألّفه لمثل هذه الأسماء المزدوجة والمتشابهة، فذكر فيه باباً سمّاه: باب (الضُبيْب)، و(الصَّبيب) الذي قال فيه:

"ما أوله ضادٌ مضمومةٌ وفَتْحُ البَاْءْ: من ديار بني نمير باليمامة، وماءٌ لبني قشير، ويقال بالصاد المهملة، ويقال بفتحها، وأما بفتح الصاد المهملة، وكسر الباء: أرضٌ نجدية".[18]

ويلاحظ أنّ نصراً لم يربط أياً من هذه المواضع بشعر المثقب؛ كما إنه لم يذكر الموضع البحراني الذي ذكره المثقب، ويبدو أنه سقط من كتابه، أو أسقط.

وضُبَيْبُ هذا الذي ذكره المثقب هو بالضّاد المضمومة في أوله، فالباء الموحدة من الأسفل، فياءٌ مثناة من الأسفل، فباء موحدة أخرى، وهو موضع بحراني قديم؛ قال البكري في رسمه من معجمه:

"ضبيب: تصغير ضبّ: موضع ببلاد عبد القيس، وهو مذكور فى رسم الذّرانح. فانظره هناك".

وفي رسم (الذرانح)؛ قال:

"الذّرانح: بفتح أوّله وثانيه، وبالنون والحاء المهملة: موضع بين كاظمة والبحرين، قال المثقّب العبدىّ:

لمن ظعن تطالع من ضبيب      فما خرجت من الوادى لحين".

وضُبَيْبٌ هذا لا زال معروفاً باسمه حتى هذا الوقت لأنه موضعٌ كان ذا عيونٍ عذبة يقع على جانب الطريق القديم المؤدي من القطيف إلى العراق، والمعروف قديماً باسم طريق (الفطْح)،[19] وحالياً (طُفيح)، وقد ابتدأ الشاعر من هذا البيت في ذكر بعض الموارد القديمة التي تقع عليه، وسيذكر أخرى غيرها في البيتين التاليين.

ويقع (ضُبَيْب) عند هذه الإحداثيات:

26° 49' 53.3" N   49° 12' 05.9" E.

الوَادِيْ: كان يوجد في البحرين، ثم في القطيف منها موضعٌ يُسمى بالوادي، وكان يُضاف إلى مورد ماءٍ قديم يُسمّى بـ(الأصْبَغ)، فيُقال: (وادي الأصْبَغ) وكان الأصبغ هذا يقع جنوبيّ شرقيّ ضُبَيْب المتقدّم؛ فيما بينه وبين القطيف، ثم صار بمرور الوقت يُعرف بـ(الأَصْبَغَاْوِيْ)، ثم (الصُّبَيْغاوي) بالتصغير والتسهيل لهمزته كعادة سكان المنطقة في الأسماء المهموزة، وإذا حذفوا (أل) التعريف منه قالوا (اصْبَيْغَاوي).[20]

والصُّبَيْغاوي: واحة نخل كان بها عيون جارية، ويقع إلى الشمال الغربي من الواحة المسماة بـ(أبو معن) من واحات القطيف، وهذه الواحة الأخيرة هي التي نشرت مؤخراً أدلتي على أنها هي الواحة التاريخية المسماة بـ(آفان)، والتي تنطق (فان) أيضاً.[21]

وقد ذُكر اسمُ (الأصبغ) في شعر رؤبة بن العجاج أحد بني سعد بن زيد مناة بن تميم - وهم من سكان البحرين القدماء، وكانت قريته، وقرية أبيه القُصَيْبَة التي تقوم على أنقاضها أو بالقرب منها الآن مدينة النُّعَيْريّة وقد ذكر رؤبة الأصبغ في قوله:[22]

يُعْطِيْنَ من فَضْلِ الإله الأسْــــبَغِ

سَـــيْباً ودُفّـاعاً كَسَــيْلِ الأصْبَغِ

قال صاحب كتاب (العباب الزاخر) في مادة [صبغ]:

"وأما قول رؤبَة:

يُعْطِيْنَ من فَضْلِ الإله الأسْبَغِ

سَيْباً ودُفّاعاً كَسَيْلِ الأصْــبَغِ

.. الأصْبغ وادٍ من أودية البحرين".[23]

وقد كرر ذلك في كتابه التكملة، فقال:

"وأصْبَغُ: "وادٍ من نواحي البحرين".[24]

ونقل الفيروزابادي في كتابه (تاج العروس) نصَّ كلامه في (العباب).

إلا أنَّ الأزهري نسب لابن الأعرابي أنه سمّى هذا الموضع بـ(الأصيغ) بالياء المثناة من تحت، فقال في (تهذيب اللغة)؛ مادة [صغا]:

"قال إبن الأعرابي:

يُعطين من فضل الإله الأسْبَغِ

آذِيَّ دُفّاعٍ كَسَيْلِ الأصْــــيَغِ

قال: الأصيغ الماء العام الكثير، وقال غيره: الأصيغ: واد، ويقال: نهر".[25]

ويحتمل أنّه تصَحَّف عند الأزهري أو نساخ كتابه القدماء إلى (أصْيَغ)، ولكنّ تعريف ابن الأعرابي للكلمة، وهو قوله: "الماء العام الكثير" أراه صحيحاً للفظة (أصبَغ) بالباء الموحدة، فـ(أصبغ) في اللسان البحراني تعني: (أسبغ) أي أكثرَ من استعمال الماء، ويقول سكان البحرين القدماء في (القطيف والأحساء وأوال): "أصْبغِ الوَضُوْء" يريدون: "أسْبغِ الوَضُوْءْ" لأنهم يبدلون بين السين والصاد في بعض الكلمات؛ كما يقولون: (صوط) بدلاً من: (سوط)، و(صراج) بدلاً من (سراج)، وقد كان وادي الأصبغ ذا ماءٍ كثير سابغ في الزمن القديم

والسبب في نسبة (الوادي) إلى هذا الموضع المُسمّى قديماً بـ(الأصبغ)، وحالياً بـ(الصُّبَيْغاوي) هو أنّ عُيون الصُّبيْغاوي وواحات صغيرة أخرى بقربها تقع قرب حزمٍ كبير اسمه (أبو درجة)؛ تقع هذه العُيون غربيّه مباشرة، وكانت أنهارها تجري إلى جوانبه، وهذا الحزم يقع أيضاً شمالي غربي واحة أبو معن المعروفة قديماً بـ(فَاْن)، و(آفاْن)، وكانت أنهار عيون هذه الواحة تصل هي الأخرى إلى هذا الحزم مما جعله مكاناً مفضلاً للسكن، ولاسيما لأصحاب الإبل والأغنام لوفرة المياه والعشب، وهو ما كان يُلاحظ حتى وقت قريب قبل أن تغور مياه العُيون في المنطقة،وكان ارتفاع قمّة هذا الحزم المتدرّج يبلغ سبعة عشر متراً فوق سطح البحر،[26] ولهذا كان موضعاً مثالياً لسُكَّان واحات آفان (أبو معن)، والأصبغ (الصُّبَيْغَاوي)، والرُّوَيحة منذ آلاف السِّنين، وبالتالي فإنه لا غرابة من اكتشاف الباحثين في آثار المنطقة للقيات فخارية وأنصال وسكاكين حجرية على هذا الحزم تعود إلى العصر الذي سادت فيه ثقافة العُبيْد، وهلمّ نازلاً.[27]

ويقع الأصبغ (الصُّبَيْغَاوِيّ) عند الإحداثيات: 26° 40' 25.4" N 49° 45' 06.4" E.

                    تبَصَّـرْهَا تَرَى ظُــــعُنَاً عُــــــــجَاْلاً

                                           بجَنْبِ الصَّحْصَحَانِ إلىْ الوَجيْنِ

هذا البيت ليس في ديوان الشاعر، وهو من إضافات عالم اللغة والأدب الكبير أبي عبيدة معمر بن المثنى التيميّ، وقد رواه الأنباري عنه في شرحه لهذه القصيدة من كتابه (شرح المُفَضَّليّات)، ثم قال معقباً:

"والوجين ما صلب من الأرض؛ يكون هذان موضعين".[28]

يعني بالموضعين: الصَّحْصَحَان والوَجِين، وهو نصٌّ صريحٌ منه بذلك.

الصَّحْصَحَاْن: ويُسمّى (الصَّحْصَحُ) أيضاً، وبكلي الاسمين ورد في التاريخ والشعر العربيين لموضع بحراني كان يقع شمالي القطيف، وورد ذكره في موقعتين كُبريين بين قبيلة عبد القيس سكان القطيف وبين الجيش الخارجي بقيادة نجدة الحروري في الأولى، وسُمّيَ فيها: صَحْصَحاً، وبينهم وبين الجيش العبّاسي بقيادة عقبة بن سلم الأزدي في الثانية، وسُمّي: صَحْصَحَان، ففي العام 67 للهجرة غزا نجدةُ الحنفيُّ الخارجيُّ عبدَ القيس في القطيف، فأوقع بمن قاتله منهم، وفرّ بقيّتهم إلى موضع اسمه الثُّوَيْر، وموضع آخر اسمه صَحْصَح، فأقام نجدة في القطيف، وأرسل ابنه المطرّح إليهم في هذين الموضعين، فقاتله العَبديّون بشجاعة، وقتلوه مع جماعة من جنده، وقال في ذلك شاعر عبد القيس الجَمَّالُ بن المعَلّى الجَذَمِيُّ العَبْدِيُّ:

فإنْ تقتُلُونَا بالقَطِيفِ فإننا

 

 

قَتَلناْكُمُ يَومَ الثُّوَيْرِ وَصَحْصَحَا

وإنْ تَقْتُلُوْا مِنّا وَكِيْعَاً وَعَاصِمَاً

 

 

فَإنّا قَتَلْنَاْ طَارِقَاً وَالمُطَرَّحَا[29]

فأمَّا (الثُّوَيْرَ) فلا زال معروفاً باسمه حتى وقتنا هذا، وهو يقع جنوبي شرقي عين الخِشْكَاْرِي، وشرقي عين سُعَيْدَة للغرب من رأس تنورة، والشمال من صفواء، وكانت به عين ماء قديمة تُسمّى باسمه: عين الثُّوَيْر.[30]

وأما (صَحْصَح)، أو (صحصحان)، فقد قال ياقوت الحموي في رسم الأول:

"صَحْصَحُ: موضعٌ بالبحرين".

وعند ابن معصوم في الرّسم ذاته:

"وصَحْصِحٌ ، كسَبْسَبٍ : موضعٌ بالبحرين".[31]

ولا أعرف موضعاً باسمه هذا الآن قرب القطيف، ولكن ورد في الأخبار والشعر ما يُستأنس منه أنه كان هو الآخر يقع شماليّ القطيف، وقد ذكر البلاذري مسير قائد الخليفة المنصور العباسي؛ عُقْبَة بنُ سَلْمٍ الهَنَائِيِّ الأزديِّ من البصرة - التي كان والياً للمنصور عليها - إلى البحرين، ذلك المسير الذي ذكر البلاذري، وذكر مؤرخون غيره فتكه البشع بقبيلة عبد القيس فيه بعد قتله أحد ثوّارهم، وهو سُلَيْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ العَبْدِيّ عام 151 للهجرة،[32] وقد ذكر مسيره هذا الشاعر بشّار بن بُرد فقال في أرجوزة له يمدح فيها عقبة بن سلم:

لِلَّهِ أَيّـــامُــــكَ فـــي مَـــعَـــــدِّ

ثُـمَّ بَـنــي قَـحــطـانَ ثُمَّ عَبـدِ[33]

إلى أن يقول:

وَاِبـنُ حَـكـيـمٍ إِذ أَتاكَ يَــــــردي

في العَدَدِ المُعـلَنـكِـسِ الأَعَـــــــدِّ

حَــبَـــيــتَهُ بِـحَــتــفِهِ المُـعَـــــدِّ

بَــعـــدَ طِــعـــانٍ صـادِقٍ وَجَـلدِ

فَاِنـهَـدَّ مِثـلَ الجَبَـلِ المُنهَـــــــــدِّ

ثم يقولُ مخاطباً أخت حكيم أو ابنته جرياً على عادة الشعراء:

يا بِنتَ أَفصى مِن بَني العُــرُندِ[34]

قولي لِعَبدِ القَيسِ إِن لَم تُجْـــــــدِ

لا تَـفــرَحــي بِـالجَـلَبِ الأَشَـدِّ

فَاِنـتَـظِـري عُقـبَـةَ بَعدَ الوَخـــدِ

قَـد جـاءَكِ الدَهـرُ بِـأَمـــــــرٍ إِدِّ

بِعُـقـبَـةَ المِشـغَـبِ ثُمَّ المُجــــدي

يَهُــزُّ أَعــلى سَــيـــفِهِ الأَحَــــدِّ

في جَحـفَـلٍ كَالعـارِضِ المُســـوَدِّ

يَشُـقُّ مَتـنَ الصَحـصَـحـانِ الجَردِ

والبيت الأخير هو موضع الشاهد، فنحن نرى بشّاراً يهدد أخت سليمان بن حكيم أو ابنته - بعد قتل جيش عقبة له فيما بين البصرة والقطيف لأنّ عقبة كان قد سار إلى البحرين من البصرة، وأول حاضرة مأهولة بعبد القيس كان سيمرُّ بها في ذلك الزمن هي القطيف، ويُفهم من ثالث شطر ذكرته من أرجوزة بشّار هذه أنّ الثائر العبديّ سليمان بن حكيم خرج مبادراً إليه عند سماعه بمسيره إليهم من البصرة، وهو صريح قوله مخاطباً عقبة:

"وابنُ حَكِيْمٍ إذْ أتَاْكَ يَرْدِيْ"

والرَّدْيُ والرَّدَيانُ: يعني الإقبال بقوّة، فهذا يعني أنهما التقيا في مكان وسط بين البصرة والقطيف، وبعد قتل سليمان كان لا بد لعقبة أن يتجه لعبد القيس قبيلته وقبيلة هذه المرأة العبدية المخاطبة كي يؤدبهم، ولهذا نرى بشاراً يطلبُ منها كعادة الشعراء أن تخبر قومها عبد القيس بأن لا يفرحوا بالجيش الكبير الذي كان مع أخيها أو أبيها سليمان بن حكيم لأنّ عقبة قد دمّره وقتل قائده، وأنه متجه إليها وقومِها بجحفل مثل السّواد من كثرته وعدته، وأنه الآن يشق أرض الصحصحان الجرداء بسرعة ليصل إليهم، وهذا الصحصحان هو ذاته الوارد في قول المثقب عن الظُّعن أنها كانت تسير عجالاً بجنبه كما رأينا في هذا البيت الذي نقرأه الآن؛ غير أنّ المثقَّب ذكره وهو راحلٌ من القطيف إلى الحيرة شمالاً، وبشارٌ ذكره وجيش ممدوحه سائرٌ بعكس ذلك من البصرة إلى البحرين، فهذا يعني أنه كان يقع في مكان بين البصرة، وبين البحرين؛ كما يدلُّ فرار عبد القيس إليه وإلى الثُّوَير من جيش نجدة أنه قريب من الثُّوير، وأنّ كلاهما يقعان شمالي القطيف.

ومن الواضح أنّ هذين الاسمين؛ أعني (الصَّحْصَح)، و(الصَّحْصَحَان) من الأسماء التي سُمّيت بهذين الاسمين لطبيعتهما الجغرافية، ولو رجعنا إلى معاجم اللغة العربية، ثم إلى مادتي [صحصح]، و[صحصحان] منها لوجدنا أنّ الصَّحْصَحَ والصَّحْصَحَانَ لهما ذات المعنى، وهو الأرض الفضاء الجرْداء الواسعة، والمستوية التي لا يوجد فيها شجرٌ ولا شيءٌ آخر، وهذه الأوصاف تنطبق تماماً على الجوّ الكبير المعروف بـ(جوّ الشامان) نسبة إلى فخذٍ من العماير يحملون هذا الاسم،[35] وقد تحرَّف في الخرائط الحديثة إلى (جوّ السّمين)؛ مع أنّ لوريمر ذكره عام 1908م باسم (جوّ شامين)،[36] وهو أيضاً تحريف إلا أنه أقرب إلى الاسم الصحيح.

والجوّ كما في رسم [جو] من كتاب العين والتهذيب: هو ما انخفض عمّا حوله من الأرض واتسع واطمأنّ؛ أي استوى، وهي ذاتها صفات الأرض الصَّحْصَح والصَّحْصَحَان المارّة بنا، وقد قال لوريمر في وصفه لـ(جوّ شامان) ما هذا تعريبه:[37]

"جَوُّ شَامَين (Jau Shamin): قطعة طويلة وضيقة في سنجق الأحساء؛ تمتد من الشمال والشمال الغربي إلى الجنوب والجنوب الشرقي؛ بطول 45 ميلاً تقريباً، وعرض 10 أميال، وتقع زاويتها الشمالية الغربية عند آبار الحَجْرَة (Hajrah) التي يمكن أن تشملها، وعندها أو بالقرب منها تلتقي بالمناطق الثلاث المجاورة: الردايف (Radäif)، وسَنْفَاْن الحَنَّا (SanfänaIHanna)، والحبل (Habl).

وتُحَدُّ منطقة جوّ شامين من الغرب والجنوب بمنطقة الحبل، وشرقاً من زاويتها الجنوبية الشرقية إلى ثُلُثَيّ المسافة شمالاً: بالبياض (Bayadh)،[38] وبقية الجهة بالحزوم (Huzum).

إنّ أجزاء جو شامين الأقرب إلى البحر بعيدة، فمنها إليه حوالي 40 ميلاً في الجنوب، و20 ميلاً في الشمال، والزاوية الشمالية الشرقية من المنطقة تقع عند آبار المسْتَنّة (Mistanah)، والتي تعتبر تابعة للحزوم، ولكن في نفس الوقت هي مكان التقاء الحزوم وجوّ شامين والرَّدايف وسبخة مُطَيَّة (Sabåkhat-Mutäya)، وفي الشمال؛ تنقسم جو شامين عن الرَّدايف بواسطة خط يربط بين آبار مستنّة والحبل.

إنّ جو شامين: هو سهل رملي تتكون نباتاته بشكل رئيسي من عِشْب الثَّمَاْمْ، والشجيرات المعروفة باسْمِ الحَمَضْ والرَّشَاْد والعَبَل والأرْطَىْ، ويبلغ مستوى الماء فيه حوالي 12 قدمًا تحت سطح الأرض؛ يقالُ: إنَّ الآبارَ التي يرد ذكرها فيما يلي تمتلئُ بالرَّمْلِ عِندما يتجاهلها البدو".

ثمّ ذكر من مياه هذا الجوّ: (ضَّبِّيّة ضُبَيْب ضُّبَّان حَجْرَة جَفيّة جهَيْميّ جَعُول جاعُوْلة نصَّاصَة).

ولو لاحظنا، فقد عدّ لوريمر الضُّبَيْب الذي سبق الحديث عنه من مياه جوّ الشامان، وهو مما يقوّي النتيجة التي توصّلتُ لها في أنّ هذا الجوّ هو الصَّحْصَحُ أوالصَّحْصَحَان الموضع البحراني المذكور في هذه القصيدة وغيرها كما تقدم.

الوَجِيْن:

الوَجِينُ كما في قواميس اللغة هو: الأرض الصُلْبةٌ ذات الحجارة، أو العارض من الأَرض ينقاد ويرتفع قليلاً في غُلظ، وقيل: الوَجِينُ قُبُل الجبل وسَنَده، ولا يكون الوَجينُ إِلا لِوَاْدٍ وَطِيْءٍ تُعَارضُ فيه الوادي الداخل في الأَرض أَجْرافٌ كأَنها جُدُرٌ، فتلك الوُجُنُ والأَسْنادُ، وفي (كتاب الجيم) لابن الأعرابي: الوجينُ تَراهُ مُشرِفاً على الأَرض.

ويُفهم من بيت المثقب الذي نحن بصدد شرحه الآن أنّ الوَجين يأتي بعد الصَّحْصَحَان - الذي تم تحديده للتوّ - مباشرة، والذي قلتُ إنه المعروف الآن بـ(جوّ شامان)، والمتحرف إلى (جوّ سمين)؛ الذي هو سهلٌ رملي منبسط ومستوٍ، فينبغي أن يكون بالقرب من هذا السهل الرملي مكان غليظ صلب ذو حجارة، وهو ما ينطبق على الموضع الواقع شمالي جوّ الشامان، وهي منطقة يُطلق عليها الأهالي الآن اسم (الحُزوم) لأنها كثيرة الحزوم الصخرية مثل: (حزم نُفيل حزم أم عراد حزم الفيضة حزم أبو خروف حزم أبو حدرية)، والحُزوم جمع حزم، وهو لغة: ما غلظ من الأرض وارتفع، وهذا هو تعريف الوجين كما رأينا، فعليه تكون منطقة الحزوم هذه هي المعروفة بـ(الوجين) في شعر المثقَّب، وينطبق على هذه المنطقة كلُّ الأوصاف اللغوية التي ذكرتها للوجين.

                          مَرَرْنَ عَلَىْ ( شَرَاْفِ ) فَـ( ذَاتِ رَجْلٍ )

                                              وَنَــكَّـبْنَ ( الـذَّرانِـــــحَ ) بالــيَــــــــــمِيْنِ

تعليق شارح الديوان:

".. كلها مواضع؛ .. والذَّرَاْنِحُ: نَهْرٌ بَيْنَ كَاظِمَة وَالبَحْرَيْن".

هكذا قال الشارح، ولم يزد على ذلك، ويعني بقوله: "كلها مواضع" أي: ضُبَيْب، والوادي المتقدِّمَين عنده، وشراف وذات رجل والذرانح المذكورِين في هذا البيت، ولئن اتفقت كل النسخ والمصادر على تسمية (شَرَاْف) بهذا الاسم، فقد اختلفت في تسمية الموضعين الأخيرين بين (ذات رَجْل)، و(ذات هَجْل) لأوَّلهما، وبين (الذَّرَانِح) و(الذَّرَائِح) لثانيهما، فقد كُتب الموضع: (ذات هَجْل) هكذا في أصل نسخ (تشستر بتي)، والسليمانية، والدارية، والبارودية، وإنْ كان الشارح في هذه النسخ باستثناء الداريّة التي خلت من الشرح هنا قد ذكر الاسم الآخر (ذات رجل) كرواية أخرى وردت في بعض النسخ.

وأما (الذَّرَاْنِـح)، فقد كُتب الاسم بهذا الرسم في الشعر والشرح من نسخة (تشستر بتي)، وهو كذلك في المفضليات وشروحها، وأمالي اليزيدي،[39] وأما في الدَّارية، فكتب: "الزَّرَاْيح" في الشعر، و"الذرايح" في الشرح، وفي البارودية: "الرراريح؟!!" في الشعر، و"الزرايح" في الشرح، وهو تصحيف واضح فيهما، ولكن في نسخة السُّليمانية: كُتب "الذرايح" بالياء في الشعر لكنّ الناسخ وضع فوق الياء همزة يريد أن يقول إنها وردت "الذرائح" في نسخة أخرى، وفي الشرح كتبها بدون همزة وبدون نقطتي الياء أيضاً؛ إلا أنّ الرواية الأشهر في هذا الاسم هي (الذَّرَانح)، وهي الرواية التي وردت بالإضافة إلى نسخة (تشستر بتي) لديوان المثقّب   في الكثير من أمهات مصادر الشعر العربي القديم التي ذكرت هذا البيت كالمفضليات وشروحاتها، وأمالي اليزيدي، وصفة جزيرة العرب للهمداني وغيرها.

ولم يقف الإشكال بنا هنا في تحديد صحة الرسم لهذا الاسم؛ بل تعدّى ذلك إلى معناه أيضاً، ففي حين نرى في مادة [ذرح] من (المحكم والمحيط الأعظم)، و(لسان العرب)، و(تاج العروس) أنّ لفظة "الذرانح"، هي جمع (ذرنوح)، وهي حشرة خنفسائية طائرة سامّة تكون حمراء اللون أو صفراء أو برتقالية مبرقشة بدوائر سوداء متفاوتة الحجم، وترى كثيراً عند مجاري المياه العذبة المعشبة؛ نجد التبريزي يقول في شرحه للمفضليات، ثم في شرح هذا البيت للمثقب:

"والذَّرَانح: جمع ذَرْنَحَة، وهي الأكمة دون الهضبة".[40]

ولكنّ هذا التعريف للتبريزي نجده عند لغويين آخرين لـ(الذرائح) أو (الذرايح) أيضاً، فقد جاء في مادة [ ذ ر ح ] من كتاب (المحيط في اللغة) لابن عباد:

"الذَّرائحُ: الهِضابُ والغَوَامِضُ من الأرضِ، واحِدَتُها: ذَرِيْحَةٌ"

وفي مادة [ ذ ر ح ] من كتاب (تهذيب اللغة) للأزهري:

"الذَّرَائحُ: هَضَباتٌ تَبْسُطُ على الأرض حُمْرٌ، واحدتها ذريحة"، وأرى أنّ كلي التعريفين قد ينطبقان على هذا الموضع، وسيتضح لنا الأمر عند التعريف به وتحديده بعد قليل.

ولكن قبل ذلك ينبغي الالتفات إلى أنّ الشاعر أراد بهذه الأسماء مناهل وموارد مياه كانت تقع على هذه الطريق بين القطيف والحيرة لأنّ هذه المناهل والموارد هي ما يهم المسافرين، وتبقى أسماؤها في ذاكرتهم، ويذكرها الشعراء منهم في شعرهم، وعادة ما تبقى هذه المناهل محتفظة باسمها لتداول الناس أسمائها جيلاً بعد جيل لحاجتهم إليها وقت السفر، وأما الخلاف في تسمية هذه الموارد، فهو من أخطاء الرُّوَاةِ والنُّسَّاخ لأنّ (ذات رجل)، و(ذات هجل)، و(الذرانح)، و(الذرائح) هي أسماء متشابهة جداً كما نرى، ومن هنا وقع التحريف والتصحيف من قبل الرواة والنسّاخ فيها، وعليه فإنّ الروايات الأقوى في هذه المواضع هي: (شراف ذات رجل الذرانح)، وهي ما سأتناولها بالبحث الآن.

شَرَاف أو شِرَاف: هذا الاسم يُطلق على أكثر من موضع في شبه الجزيرة العربية؛ أحدها شَرَاف: موضع بالحجاز من أعمال المدينة،[41] وشراف ماء بنجد كما ذكر ذلك نصر الإسكندري،[42] وشراف: موضع يقع شمال واقصة في حدود الأراضي العراقية الآن كما حدده أستاذنا الجاسر رحمه الله في التعليق على الماء الذي ذكره نصر المشار إليه قبل قليل، وأضيف أنه هو الوارد بكثرة في شعر الشريف الرضي ومهيار الديلمي، وذلك أنه كان يقع على طريق الحاج العراقي الذي كان يمرُّ بين الشبكة والسلمانية ضمن حدود دولة العراق الآن، وكان الشريف الرضي ومهيار من المواظبين على الذهاب مع قافلة الحج العراقية، ولاسيما الشريف، ولهذا كثر ذكر هذا الموضع وغيره من مواضع درب الحج المعروف بـ(درب زبيدة) في شعرهما لأنهما كانا يمرّان عليها كثيراً.

وأما شراف الوارد في شعر المثقب هنا، فهو موضع آخر؛ بحراني؛ يدل سياق البيت على أنه كان يقع بين (ضُبَيْب) الذي سبق تحديده للجنوب منه، وبين نهر الذرانح - الذي سأحدده بعد قليل - ولم أقف على موضع في هذه الناحية يحمل الاسم (شرَاْفْ)، وإن كان هذا لا يعني عدم وجوده، أو إنني أخشى تحرّفه عن (شَرَاْرْ)، وهو موردُ ماءٍ وسَبَخة معروفين في تلك الجهة؛ يقعان غرب راس التناقيب في منطقة تكثر فيها الموارد المائية القديمة كآبار المُرَيْر والنُّقَيْر والنُّقَيْرَة ورُكْبة والبَجْسَة، وهو مما يقوّي كونه (شراف) المذكور في شعر المثقب، فمن وقوعه في منطقة موارد مائية قديمة على طريق (البحرين العراق) إلى هذا التشابه الكبير والواضح بين رسميهما (شراف) و(شرار)؛ كل ذلك يسوغ لنا أن نفترض كون الاسمين لموضع واحد، ويقع شرار وفق الإحداثيات التالية:

27°50'52.4"N 48°36'20.9"E.

ذاتُ رَجْل: هذا الاسم أعني (ذات رجل) هي الرواية التي ذكرَتها أو اختارَتها جُلُّ مصادر الشعر العربي القديم التي دونت هذه القصيدة أو هذا البيت فيها، ولم أجد الرواية الأولى (ذات هجل) إلا في نسخ ديوان المثقب التي سبق ذكرها فقط، وفي مادة [رجل] من تاج العروس للزبيدي:

"وذاتُ رِجْلٍ: مَوْضِعٌ مِن أرض بَكْرِ بنِ وائِلٍ، مِن أسافِلِ الْحَزَنِ، وأَعَالِي فَلْج. قالَهُ نَصْرٌ، وأَنْشَدَ الصّاغَانِيُّ لِلْمُثَقِّبِ العَبْدِيّ:

مَرَرْنَ عَلى شِرافَ فذَاتِ رِجْلٍ         ونَكـــَّـبْنَ الذّرانِـــحَ بالْـيَمِينِ".

وفي المطبوع من كتاب نصر ورد بالفعل ما ذكره صاحب التاج عنه إلا أن فيه: "أعالي فُلَيْج[43] وليس: "أعالي فَلْج" كما ورد عند صاحب التاج؛ الذي قال في مادة [دور] من تاجه:

"ودَاْرَةُ (الرِّجْلَيْنْ)؛ تثنية رِجْلٍ بالفتح لبني بكر بن وائل من أسافل الحزن وأعالي فلج".

واكتفى بذلك دون أن ينسبه لنصر أو لغيره، وكذلك لم يذكر بيت المثقب هنا، وما أراه إلا تصرفاً من الزبيدي صاحب التاج لأنّ كتابه هذا هو شرح لكتاب القاموس المحيط للفيروز آبادي، وفي هذا الكتاب الأخير اكتفى صاحبه بذكر (دارة الرجلين) ضمن 120 دارة في باب الراء فصل الدال، ولم ينسب ذكرها إلى نصر ولا إلى غيره، فظنّ الزبيدي أنها ذات رجل التي سبق وذكرها نصر، وذكرها الصغاني عن شعر المثقب وشرحه، فوقع في خطأ فاحش لأنّ (دارة الرجلين) لا زالت معروفة حتى وقتنا هذا، وهي تقع في وسط الدهناء على ضفة وادي الأجردي عند الإحداثيات:

27° 20' 35.0" N 44° 36' 37.0" E.[44]

وأما (ذات رجل) الواردة في شعر المثقب، فهو يقع على الطريق القديم المسمّى بطريق الفطح كما سبق وذكرت، وعلى مسار هذا الطريق يوجد بالقرب من شرار - الذي احتملتُ للتو تحرفه إلى شراف - موردُ ماءٍ قديم يُدعى (أبو رجيل)؛ يقع شمالي غربي شرار،[45] وعليه فإننا لن نكون مبالغين لو قلنا إنّ (أبو رجيل) هذا ربما كان هو (ذات رجل) الوارد في شعر المثقب؛ خصوصاً وأنّ لفظة (أبو)، و(أم) عند إضافتها إلى المواضع في عرف العرب المتأخرين تعني لفظة (ذات) عند أسلافهم الذين يضيفونها للمواضع أيضاً، فيكون معنى (أبو رجيل)؛ أي (ذات رجيل)، وهو مصغّر (ذات رجل)، وعلى أية حال؛ تقع (أبار أبو رجيل) شماليّ غربيّ سبخة (شرار) وفق الإحداثيات:

27° 49' 08.9" N 48° 37' 43.1" E.

الذَّرَانِح: قال التبريزي في شرحه للمفضليات، ثم في شرح هذا البيت للمثقب:

"موضع معروف بين كاظمة والبحرين".[46]

وفي معجم ما استعجم للبكري:

"الذرانح؛ بفتح أوله وثانيه، وبالنون والحاء المهملة: موضع بين كاظمة

والبحرين؛ قال المثقب العبدي :

لمن ظعن تطالع من ضــــبيب 

فما خرجت من الوادي لحــين

مررن على شراف فذات رجل

ونكبن الذرانح باليمــــــين

وهن كذاك حين قطعن فلجاً

كأن حمولهن على ســــــفين

.. وهذه كلها مواضع من البحرين إلا فلجا".[47]

وكذلك ذكرت جل كتب المواضع الجغرافية أنّ (الذرانح) هذه: موضعٌ بين كاظمة والبحرين؛ إلا شارح ديوان المثقَّب، وهو: أبو العباس؛ محمد بن الحسن بن دينار الأحول الذي قال عند شرحه لهذا البيت:

"الذَّرَاْنِحُ: نهرٌ بين كاظمة والبحرين".[48]

وإذاً أياً كان اسم هذا الموضع؛ (الذرانح)، أو (الذرائح)، فهو في النهاية كان اسماً لنهر بحراني قديم كان يقع شمالي القطيف التاريخية على طريق الفطح منها إلى الحيرة، ولا زالت آثار هذا النهر موجودة، وإن كان اسمه تغيّر الآن إلى (المقطع) الذي ينبع من عينٍ عظيمة تُسمّى: (عَينُ العَبْدْ)، وهما يقعان في ذات الجهة المعنية من قبل شارح شعر الشاعر؛ أي بين "بين كاظمة والبحرين"

وقد ذكر لوريمر في (دليل الخليج) هذا النهر عام 1908م، فقال عنه:

"المقطع: نهر من المياه قليلة الملوحة وغير صالحة للشرب في إمارة الكويت؛[49] يشكّل الحدَّ الفاصل بين منطقة الحزايم في الشمال وسهل لبيبة أو منطقة السودة في الجنوب.

يفيض هذا النهر من عين مالحة تسمى عين العبد؛ يقال إنها تبعد عن الساحل بحوالي 15 ميلاً، وتصل إلى البحر مباشرة شماليّ رأس الخفجي.

ويوصف المقطع بأنه ذو تدفق واضح للمياه يبلغ عرضه 10 أو 12 قدمًا وعمقه قدمًا واحدة، ويذكر أنه عند المد الكامل يمكن للسفن المحلية أن تتقدم لمسافة قصيرة فيه، ويُعرف مدخله بخور المقطع".[50]  

كما وقف على هذا النهر وعينه الوكيل البريطاني لدى الكويت هارولد ريتشارد ديكسون (Harold R. P. Dickson)، وذلك أثناء ما كان يعمل وكيلاً سياسياً لبريطانيا فيها بين (1929 1936م)، ومن الأفضل هنا أن أنقل من كلامه ما يفيدنا حول هذا النهر وعينه التي كان ينبع منها، وهي: (عين العَبْد)، وهذا نصُّ ما قاله بعد أن نقل ما ذكره لوريمر أعلاه حرفيّاً:

".. لقد زرت عين العبد سنة 1934، وفي السنة التالية، وفي سنة 1943، فوجدت أن ألف غالون من الماء تتدفق منها في الدقيقة الواحدة، وهي عبارة عن انخفاض على شكل فنجان يبلغ قطره 50 قدماً؛ إن رائحة مياه عين العبد كريهة نظراً لكثرة الكبريت فيها، ولكنها نقية، وقليلة العمق".[51]

ثم وصف هذه العين من أصبح بعد ذلك رئيس شركة أرامكو؛ توم بارغر في 21 تشرين الأول 1938م عندما كان في بداية توظيفه في الشركة، فقال في وصفها:

"كانت بئراً كبيرة؛ تتدفق منها غازات كبريتية، وكان صوتها كالطائرة، ورائحتها أسوأ من البيض الفاسد، ولها جدول جميل صافٍ لونه أزرق؛ يتدفق منها نحو الشاطئ الذي يبعد أربعين ميلاً؛ لقد ذكّرتني المجموعات الكثيرة من السمك الصغير بأراضٍ أكثر سعادة،[52] ولكنّ المياه كانت مالحة ومرّة لدرجة أنّ الجمال كانت ترفض شربها".[53]

تقع عين العبد عند الإحداثيات:

28° 13' 30.4" N  48° 17' 12.1" E

إلى الجنوب الغربي من الخفجي بمسافة 32 كيلومتر، وإلى الشمال الغربي من رأس المشعاب بمسافة 35 كيلومتر، ويجري ماؤها في نهر يصب في البحر في منطقة وسطى بين السفانية (السابون قديماً)، وبين راس المشعاب بطول متعرّج يصل إلى 37 كيلومتراً.

ولعل ما ذكره لوريمر، وديكسون، وبارغر من ملوحة هذا النهر ومرارته، والرائحة الكريهة المنبعثة من العين ونهرها، وكون مياهها كبريتية هو السبب الذي لأجله تنكبته هذه القافلة كما قال المثقب في شعره هذا، وكما نصّ على ذلك توم بارغر أيضاً عندما قال إنّ الجمال في وقته كانت ترفض الشرب من هذا النهر، وهي قرينة أخرى تقوّي ما قلته من أنّ هذه العين هي منبع هذا النهر البحراني القديم الذي كان يُسمّى بـ(الذرانح)، أو (الذرائح).

                    وَهُنَّ كَذَاْكَ حِيْنَ قَطَعْنَ فَلْجَاً

                                                     كَأنَّ حُدُوْجَهُنَّ عَلَىْ سَـــــفِيْنِ

فَلْجْ: اتفقت النسخ التي احتفظت بهذا البيت على كتابته بهذا الرسم، وكذلك المصادر القديمة التي أوردت هذه القصيدة مضمّنةً هذا البيت بلا خلاف،وفَلْجٌ هذا وادٍ مشهور؛ أكثر الشعراء القدماء من ذكره، وهو غير فَلَج بفتح اللام الذي كان يُقال له فَلَجُ الأفلاج، ثم اختصر اسمه إلى الأفلاج، والواقع جنوب الخرج.

وأما فَلْج الذي ذكره المثقب هنا بتسكين اللام فهو يقع في شمال الجزيرة العربية، ويُعرف الآن بـ(الباطن)، ويُسمى واديه بـ(وادي الباطن)، وكما يبدو من جيولوجيا الجزيرة العربية، فقد كان (وادي الباطن) في الزمن القديم يشكل امتداداً طبيعياً للوادي العظيم المسمى بـ(وادي الرمّة) الذي كان يتجمع من سيول جبال حائل والقصيم، ويجري في أخدود عظيم حتى يصل إلى الأهوار في جنوب العراق إلا أنّ رمال الدهناء ردمت جزءاً كبيراً من هذا الوادي الأخير شمال الزلفي، فسُمّي ما وقع في جهة العراق بـ(وادي الباطن)، وبقيت تسمية (وادي الرمة) على الجزء الواقع في جهة الحجاز منه.

ولا بد للمسافر من إقليم البحرين القديم إلى العراق أن يقطع وادي الباطن لأنه يعترض الطريق بينهما لطوله، ولهذا قال الشاعر عن النسوة في قصيدته هذه بأنهنَّ: "قطعنَ فلجاً".

 الصور:

خارطة طريق الفطح الذي سلكه المثقب العبدي في رحلته من القطيف إلى الحيرة، وقد دوّنت فيها أسماء المواضع التي مرّ بها في رحلته، وهي (وادي الأصبغ - ضُبَيْب - الصَّحْصَحَان - الوجين - شراف (شرار) - ذات رجل (أبو رجيل) - نهر الذرانح (عين العبد ونهرها المقطع - فلْج).

* أصل الصورة مقتبسة عن (google.maps)، وقد أدخلتُ التعديلات عليها بواسطة برنامج (Adobe Photoshop).

خارطة مقتبسة عن (Google Erth) وقد حددتُ فيها موضعي الصَّحْصَحَان أو صَحْصَح المعروفة بـ(جوّ شامان) المتحرفة إلى (جوّ سمين) في الخرائط الحديثة، والوجين التي تُعرف الآن بـ(الحزوم)، وقد بدا واضحاً داخل الدائرة الصفراء في منطقة الوجين أو الحزوم المرتفعات الصخرية فيها باللون الفاتح.


إحدى عيون واحة الصُّبَيْغَاوِي المعروفة تاريخياً بـ(الأصْبغ)، وإلى هذه الواحة يُنسب (وادي الأصبغ) الذي تحدثت عنه في البحث،  ورجحتُ إنه هو الوادي الوارد في نونية المثقب العبدي مقروناً مع ضُبَيْب، والذي لا يبعد كثيراً عن واحة الصبيغاوي هذه.

الصورة التقطت بواسطة الأستاذ محمد الخراري، وتم نشرها بإذن منه.

صورة مقتبسة عن البرنامج الشهير (Google Erth) لـ(عين العَبد) ونهرها المعروف بـ(المقطع)، وهو يتجه ليصب في البحر بالقرب من راس المشعاب، وقد أوضحت في البحث أنّ هذا النهر هو نهر الذرانح الوارد في نونية المثقب العبدي؛ في قوله عن نساء القافلة التي كان يرافقها:

مررن على شراف فذات رجل          ونكبن الـــذرانح للـــــيمين

وبينت في البحث أيضاً سبب تنكب القافلة عن هذا النهر لأنه نهرٌ ذو مياه كبريتية مما يجعل رائحته نتنة ومائه مُرَّاً، فكانت الجمال تعاف شربه فضلاً عن البشر كما قال توم بارجر في كتاب (تحت القبة الزرقاء).

صورة أخرى لعين العبد ونهرها المقطع، أو نهر الذرانح مقتبسة عن (Bing. maps)، ويظهر في الصورة ضخامة هذا النهر وطوله مقارنة بالعين الذي ينبع منها في أعلى الصورة، وكما يتضح من مقياس الرسم.

صورة أخرى لعين العبد وجزء من نهرها المقطع أو نهر الذرانح التاريخي؛ مقتبسة عن (Bing. maps) أيضاً. 


https://aljanabiabdulkhaleq.blogspot.com/2021/05/blog-post.html

المصادر والهوامش والحواشي 

[1] عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي: معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع؛ تحقيق مصطفى السقا (بيروت: عالم الكتب 1983م)؛ ج1: 81.

[2] عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي: معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع؛ تحقيق مصطفى السقا (بيروت: عالم الكتب 1983م)؛ ج1: 81 - 82.

[3] انظر:

J. G. Lorimer: Gazetteer of the Persian Gulf, Geographical nd Statistical, Kolkata 1908',

  PP.318.

[4] سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري: الأنساب (روي – عمان: وزارة التراث القومي والثقافة دت) ج2: 322.

[5] سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري: الأنساب (روي – عمان: وزارة التراث القومي والثقافة دت) ج2: 225.

[6] جذيمة هؤلاء؛ هم: بنو جذيمة بن عوف من عبد القيس، وكانوا سُكان الخط أي القطيف أيضاً كما في نص البكري عن الكلبي ذاته، وهذا دليل آخر على سكن بني نكرة في القطيف.

[7] عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري: المعارف؛ تحقيق ثروت عكاشة (القاهرة: دار المعارف 1969م)؛ الصفحة 93.

[8] البكري: معجم ما استعجم؛ ج1: 82.

[9] سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري: الأنساب (مسقط: وزارة التراث القومي والثقافة 1994م)؛ ج٢: ١٦٢.

[10] عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي: الاقتضاب في شرح أدب الكتاب؛ تحقيق: مصطفى السقّا وحامد عبد المجيد (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب 1983م)؛ ج3: 327.

[11] عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري: الشعر والشعراء؛ تحقيق أحمد محمد شاكر (القاهرة: دار المعارف 1958م)؛ الصفحة 395.

[12] ابن عبد البر: بهجة المجالس وأنس المجالس .... الصفحة: 154.

[13]  نسبة إلى مالكها الأصلي، وهو الشاعر محمود سامي البارودي.

[14]  المفضل بن محمد الضبي: المفضليات تحقيق أحمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون (القاهرة: دار المعارف 1383هـ - 1963م)؛ الصفحة: 287.

[15]  محمد بن العباس اليزيدي: كتاب الأمالي (حيدر أباد (الهند): مطبعة جمعية دائرة المعارف الإسلامية 1948م)؛ الصفحة: 111.

[16] يحيى بن علي بن محمد الشيباني = الخطيب التبريزي: شرح اختيارات المفضل؛ تحقيق فخر الدين قباوة (بيروت: دار الكتب العلمية 1987م)؛ ج3:  1247 - 1248.

[17] القاسم بن محمد بن بشّار الأنباري: شرح المفضليات؛ تحقيق: كارلس يعقوب لايل (بيروت: مطبعة الآباء اليسوعيين 1920م)؛ ج1: 576.

[18]  نصر بن عبد الرحمن الفزاري الإسكندري: الأمكنة والمياه والجبال والآثار ونحوها المذكورة في الأخبار والأشعار؛ تحقيق حمد الجاسر (الرياض: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ودارة الملك عبد العزيز؛ 2004م)؛ ج2:  175.

[19]  لقد ذكر الهمداني (طريق الفطح) هذا في كتابه (جزيرة العرب؛ الصفحة 136؛ طبعة ليدن 1884م)، ونص ما كتبه فيه:

"الفطْحُ، وهْوَ طَرِيْقٌ بَيْنَ السِّتَاْرِ وَالبَحْرِ إلىْ البَصْرَة"، وهو ينقل ذلك عن أبي مالك أحمد بن محمد بن سهل بن صباح اليشكري البكري، وكان ممن سكن البحرين وانتجعها ورعاها وسافر فيها، وكان بها خبيراً".

والستار هو ما يُعرف الآن بـ(وادي المياه) الواقع غرب واحات القطيف، وعلى العموم فإنّ طريق الفطح أو طفيح هو تقريباً الطريق الذي قامت شركة أرامكو بإنشاء ما عُرف في المنطقة بطريق (خط التابلاين) عليه، ولاسيما الجزء الواقع بين غرب القطيف الى الكويت منه.

[20]  عبد الرحمن بن عبد الكريم العُبيّد: الموسوعة الجغرافية لشرقي البلاد العربية السعودية (الدمام: مطابع الوفاء 1993م)؛ ج2: 71.

وقد أغرب بقوله إنّ الصُّبيْغاوي بقرب النعيرية، وأين منه النُّعيرية.

[21] عبد الخالق الجنبي: بحوث تاريخية وجغرافية ذات علاقة بشرق الجزيرة العربية (بيروت: دار المحجة البيضاء 1436هـ)؛ الصفحة: 7.

[22]  رؤبة بن العجاج السعدي التميمي: ديوان رؤبة بن العجاج؛ تحقيق: وليم بن الورد البروسي (الكويت: دار ابن قتيبة دت)؛ الصفحة 97.

[23]  الحسن بن محمد بن الحسن الصغاني: العباب الزاخر؛ تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين (بغداد: دار وزارة الثقافة والإعلام 1980م)؛ حرف الغين؛ الصفحة 53.

[24] الحسن بن محمد بن الحسن الصَّغاني: التكملة والذيل والصلة لكتاب تاج اللغة وصحاح العربية؛ تحقيق عبد العليم الطحاوي (القاهرة: مطبعة دار الكتب 1974م)؛ ج4: 415؛ مادة [ صبغ ].

[25] انظر: محمد بن أحمد الأزهري: تهذيب اللغة؛ تحقيق عبد العظيم محمود [ القاهرة: الدار المصرية للتأليف والترجمة ]؛ ج8: 160)، وعن الأزهري نقل ابن منظور حرفياً في اللسان مادة [ صيغ ].

[26] أخذت هذا القياس من البرنامج الخرائطي المعلوماتي الشهير (Google Erth).

[27]  دانيال بوتس: الخليج العربي في العصور القديمة؛ ترجمة: إبراهيم خوري (أبو ظبي: المجمع الثقافي 2003) ج1: 133 – 134؛ الموقعين: 6، 8.

[28] القاسم بن محمد بن بشّار الأنباري: شرح المفضليات؛ تحقيق: كارلس يعقوب لايل (بيروت: مطبعة الآباء اليسوعيين 1920م)؛ ج1: 576.

[29] أحمد بن يحيى بن جابر = البلاذري: أنساب الأشراف؛ بتحقيق سهيل زكار ورياض زركلّي (بيروت: دار الفكر 1996م) ج7: 2901.

[30] صالح محسن القعود: راس تنورة الماضي والحاضر (القاهرة: الطبعة الثالثة) الصفحة 15، وذكر أنه قد تم دفن العين الآن، وأنها ذكرت قبل مائة عام في صك شرعي باسم حسين أبو جمعة العجمي.

[31]  علي بن أحمد بن محمد بن معصوم الحسيني = ابن معصوم المدني: الطراز الأول والكناز لما عليه من لغة العرب المعول (قم – إيران: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث 1434هـ)؛ ج٤:  ٣٩٧.

[32] أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري: أنساب الأشراف؛ تحقيق عبد العزيز الدوري (بيروت: جمعية المستشرقين الألمانية 1978م)؛ ج4: 245.

وكان عُقْبَةُ بنُ سَلْمٍ الهَنَائِيُّ الدَّوْسِيُّ الأزديّ من الطغاة الذين قلّ نظيرهم في التاريخ حتى ذكر المؤرخون "من عُتُوِّهِ وَاجْترَاْئِهِ على الله وإقدامهِ علىْ دِمَاْءِ المسلمين وَأمْوَاْلهِم أمْرَاً نُكْرَاً"، (محمد بن خلف بن حيان = وكيع القاضي: أخبار القضاة (بيروت: دار عالم الكتب دت)؛ ج2: الصفحة 59.) كما ذكروا عنه أنه كان "عَتِيّاً جَبَّاراً"، (محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي = أبو العباس المبرد: الكامل في اللغة والأدب (ليبزيج: 1864م)؛ ج1: 389.) وكان يُعدُّ "أحَدُ العُتاةُ الجُفَاةْ". (محمد بن عبد المنعم الحميري: الروض المعطار في خبر الأقطار؛ تحقيق إحسان عباس (بيروت: مكتبة لبنان 1984م)؛ الصفحة 423.).

وقد ذكر المؤرخون من إسراف عقبة في قتل عبد القيس وربيعة في البحرين ما يقشعرُّ منه الجلد، ومنه ما ذكره الطبري ونقله عنه ابن الأثير وابن الجوزي في أحداث سنة 151 للهجرة، وهو قوله:

"وفيها شخصَ عُقبةُ بن سَلْم منِ البصرةِ - وَاسْتخلف عليها ابنه نافعَ بنَ عُقْبَة - إلى البحرين، فَقَتَلَ سُلَيْمَانَ بنَ حَكِيْمٍ العَبدِيَّ، وَسَبَى أهْلَ البحرين، وبعث ببعضِ مَنْ سَبَى منهُمْ، وأسَاْرَى منهم إلى أبي جعفر، فقتلَ منهم عِدَّةً، وَوَهَبَ بقيَّتهم للمهديّ"

وذكروا أنّ الخليفة المهدي استفظع ما فعله، وأنه عندما تولى الحكم بعد أبيه المنصور عزل عقبة عن البحرين بسبب إسرافه في قتل أهلها، ونقل عنه اليعقوبي في تاريخه قوله: "لا يراني الله أبوء بإثمه، ولا أرضى فعله".

[33] يريد بـ "عبد" هنا عبد القيس.

[34] من الواضح أنّ (بني العُرُند) هؤلاء من عبد القيس، وواضحٌ أيضاً أنّ هذا الثائر العبدي؛ سليمان بن حكيم كان منهم، ولكن لم تُسعفني مصادري لمعرفة سلسلة نسبهم إلى عبد القيس، أو أحد بطونها المشهورة، وإن كان من المظنون أنهم من بني جذيمة بن عوف بن بكر بن عوف بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس سكان القطيف وباديتها ذلك الحين.

[35]  توجد لديّ أكثر من وثيقة قطيفية ورد فيها أسماء أملاك لأفراد من هذا البطن العمايري، والعماير كانوا سكان برّ القطيف المعروف بـ(البيضاء) منذ أيام الدولة العُيونية وهلمَّ نازلاً حتى وقتنا هذا.

[36]  ذكره لوريمر في (دليل الخليج)؛ باسم: "Jau Shamin" (الصفحة: 1727 من طبعة كلكتا 1908م)، وواضح أنه يُنطق: "جوّ شامين"، وهو تحريف لـ(الشامان)، وفي إحدى الوثائق القطيفية التي لديّ ذكر لموضع في سيحة الجارودية يُسمّى بـ(بديعة الشامان)، فمن الواضح أنه كان لهم مواضع في القطيف تُسمّى باسمهم غير هذا الجوّ.

[37] انظر:

J. G. Lorimer: Gazetteer of the Persian Gulf, Geographical nd Statistical, Kolkata 1908’ Vol. PP. 1728.

[38] كتبها مترجمو طبعة الديوان الأميري القطري: الرياض؟!، وهو من أغرب الترجمات.

[39]  انظر:

·         نسخة (تشستر بتي) للديوان.

·         المفضل بن محمد الضبي: المفضليات تحقيق أحمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون (القاهرة: دار المعارف 1383هـ - 1963م)؛ الصفحة: 287.

·         محمد بن العباس اليزيدي: كتاب الأمالي (حيدر أباد (الهند): مطبعة جمعية دائرة المعارف الإسلامية 1948م)؛ الصفحة: 112.

[40] يحيى بن علي بن محمد الشيباني = الخطيب التبريزي: شرح اختيارات المفضل؛ تحقيق فخر الدين قباوة (بيروت: دار الكتب العلمية 1987م)؛ ج3: 1248.

[41]  عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي: معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع؛ تحقيق مصطفى السقا (بيروت: عالم الكتب 1983م)؛ رسم [شراف].

[42]  نصر بن عبد الرحمن الفزاري الإسكندري: الأمكنة والمياه والجبال والآثار ونحوها المذكورة في الأخبار والأشعار؛ تحقيق حمد الجاسر (الرياض: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ودارة الملك عبد العزيز؛ 2004م)؛ ج2: 137.

[43]  نصر بن عبد الرحمن الفزاري الإسكندري: الأمكنة والمياه والجبال والآثار ونحوها المذكورة في الأخبار والأشعار؛ تحقيق حمد الجاسر (الرياض: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ودارة الملك عبد العزيز؛ 2004م)؛ ج1: 505.

[44]  الجمعية الجغرافية السعودية: دليل المواقع الجغرافية بالمملكة العربية السعودية (الرياض: مكتبة العبيكان 2001)؛ الصفحة: 225.

[45]  مكتب زكي محمد علي فارسي الهندسي: أطلس خرائط المملكة العربية السعودية 1422هـ؛ الصفحة 56.

[46] يحيى بن علي بن محمد الشيباني = الخطيب التبريزي: شرح اختيارات المفضل؛ تحقيق فخر الدين قباوة (بيروت: دار الكتب العلمية 1987م)؛ ج3: 1248.

[47]  عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي: معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع؛ تحقيق مصطفى السقا (بيروت: عالم الكتب 1983م)؛ ج٢: ٢٥٩ – 260.

[48] عائذ بن محصن بن ثعلبة النُّكْرِيُّ العبدي = المثقب العبدي: ديوان المثقب العبدي؛ تحقيق حسن كامل الصيرفي (القاهرة: معهد المخطوطات العربية 1971م)؛ الصفحة 148.

[49]  كان هذا الكلام قبل توقيع معاهدة العُقير؛ حيث كانت هذه العين ونهرها يقعان في أراضي الكويت، ثم بعد توقيع هذه المعاهدة أصبحت العين والنهر داخل حدود المملكة العربية السعودية.

[50]  انظر:

J. G. Lorimer: Gazetteer of the Persian Gulf, Geographical nd Statistical, Kolkata 1908',

  PP.1168.

[51] هارولد. ريتشارد ديكسون: الكويت وجاراتها؛ (القاهرة: دار صحارى للطباعة والنشر 1990م)؛ ج1: 52.

[52] لعله يعني بقوله "أراض أكثر سعادة" واحتي الأحساء والقطيف وجزيرة أوال لأنّ عيون هذه البلدان كان بها هي أيضاً الكثير من هذه المجموعات الكثيرة من السمك الصغير، وهي تُسمّى عند السكان بـ(الحَرَاْسِين)؛ مفردها حَرْسُوْن.

[53] توماس سي. بارغر: تحت القبة الزرقاء؛ تعريب: ريمون باليكي (لبنان: دار برزان للنشر 2004م)؛ الصفحة: 132. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق