عَشَيرَةُ رُدَيْنَةُ التَّغلبيّة النَّجْديّة القَطِيْفِيّة
العشيرة التي ينحدر منها آل بَيَات وفروعها في حاضرة القطيف
وآل حَمَد وفروعها في سيهات القطيف.
رحلة الاستقرار من نَجْدٍ إلى الخَطّ*
عبد الخالق بن عبد الجليل الجنبي
قَوْمِيْ بَنيْ رْدَيْنَةْ عَصَاْيبْ
رَاْسِيْ
يَا جَـمْـرةٍ فيْ الأرضْ
مَاْ تِـنْدَاْسِ
هذا البيت الشعبي كانَ شعارَ أهل سيهات ونخوتهم عند خوضهم للحرب في الزمن الماضي،1][ وبالتحديد منذ النصف الأول من القرن الحادي عشر الهجري؛ إذ أنه في هذا الوقت كانت زعامة سيهات لعشيرةٍ تنتسب إلى رجلٍ اسمه رُدينة، وهو الرجل الذي انحدرت منه أسرٌ قطيفيةٌ ذات صِيْتٍ وشُهرة وزعامة أهلية في واحة القطيف؛ منها: آل بيات، وآل أبي السعود بفروعهما في حاضرة القطيف، وآل عبد النبي، وآل عبد الرحيم بفروعهما في سيهات، والتي تُعتبر من أكثر الأسر القطيفية أملاكاً ونخيلاً وأوقافاً، واكثرها امتلاكاً لوثائق تحفظ هذه الأملاك والأوقاف؛ بل، وتحفظ أنسابهم فيها لأجل توزيع ووراثة هذه الأملاك، وهو ما أدَّى إلى حفظ هذه الوثائق التي كان فيها أيضاً الكثير من الفوائد فيما يتعلق بتاريخ القطيف، وجغرافيتها، وقُرَاْهَا ونَسَبِ أفراد هذه الأسر وغيرها، ومنها أسر الشهود الذين شهدوا على هذه الوثائق نظراً لقدم هذه الوثائق، وارتقاء زمنها إلى وقتٍ كانت القطيف تعاني فيه من شح كبير في المصادر التاريخية الخاصّة بها، ومن هذه الوثائق وبعض المصادر الأخرى استللتُ معلومات بحثي هذا راجياً أن يكون فيه ما يفيد الباحث في تاريخ القطيف، ولاسيما في القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين، وقبل الخوض في ذلك سأحاول التعريف بهذا الرجل؛ أعني رُدينة؛ شيخ عشيرته، وجدُّ هذه الأسر؛ الذي هاجر من حوطة بني تميم في نجد إلى القطيف ليكوّن أولاده عشيرة ذات نفوذ لا يُستهان به فيها.
رُدَيْنةُ أو أرْدَنةُ أو رُدَيْن؟
يكتبه البعض من
المعاصرين باسم (رُدَيْن) كما في سلسلة نسب أحد المنحدرين من نسله، وهو
الخطيب عبد المحسن النصر التي كتبها بيده في آخر صفحة من كتابه (من وحي الحياة)،[2] وبعضُهم يكتبه (أرْدَنَة)؛[3] غير أنّ وروده باسم (رُدَيْنة)
في هذه النَّخْوَة السيهاتية التي ابتدأتُ بها البحث، وكذلك وروده بهذا الرسم في
وثيقة قديمة كتبت عام 1189هـ لتوضيح أسماء أوقاف نخيل لأبناء حفيدين له – كما سنرى
– لا يدع لنا مجالاً للشكِّ في أنّ الصحيح في اسمه هو رُدَيْنة.
ورُدينة: اسمُ ذكرٍ
مُؤنَّثٌ لفظياً مثله مثل: عُبَيْدَة، وجُهَيْنة، ورُفَيْدَة، ومُزَيْنة، وهو كثير
في لغة العرب، ومنه ما هو على هذا الوزن، ومنه ما هو على أوزان أخرى؛ مثل: أسامة،
وعنترة، وعنزة، وهلمَّ جرّاً.
الرَّوْقِيّة بَلَدُ رُدَيْنَة فيْ نَجْدْ
إنّ إحدى أكثر
الوثائق دقّة في إيصال نسب بعض الأسر المعاصرة إلى رُدينة هي عبارة عن إنهاء لكتاب
مخطوط كتبه أديبٌ من آل نصر الله آل أبي السعود من آل بيات من رُدينة، وهو محمد بن
ضيف الله بن علي بن محمد بن نصر الله، وقد نقله لنا عنه المؤرخ النجدي إبراهيم بن
صالح بن عيسى المتوفى عام 1343هـ،[4] ووصلنا نقله هذا عبر كشكول
له كان يجمع فيه ما تقع عليه عيناه من فوائد في التاريخ والنَّسَب،[5] ومن ضمنها هذا الإنهاء
المشار إليه بقوله:
"وجدتُ على
ظهر نسخة من شرح القَطْر[6]
ما صورته: كتبه محمد بن ضيف الله بن علي بن محمد بن نصر الله بن أبو السعود بن أبو
القاسم بن عز الدين بن أبو السعود بن محمد بن بيات بن عبد الله بن حمد بن قاسم بن
عبد الله بن الرُّدَيْنيّ من أهل بلدة في نجد يقال لها الرّوْقية".[7]
وعلَّق على كلامه هذا
ابنُ عيسى – على ما يبدو، أو أحدُ من اطلعَ على نقله - فقال مُعرِّفاً بالرّوقيّة:
"وهي من قُرى
الحوطة – خرابٌ الآن – في وادي بريك ونعام، ورسمه في كتب التاريخ: وادي منيع".[8]
وتحديد ابن عيسى
للروقية هذه على أنها في الحوطة مشابه لما سبق وذكرته عن الخطيب عبد المحسن النصر
في سلسلة نسبه التي كتبها بيده؛ حيث ذكر عن جدّه الذي سمّاه مانع بن المسيَّب أنه
من الفُضُول من الحوطة في نجد.[9]
وأما في هذه السلسلة
النسبية لابن عمّه الأقدم منه؛ محمد بن ضيف الله آل نصر الله كما في هذه الوثيقة -
التي كتبها هو أيضاً بيده – فقد رأينا أنها انتهت بقوله عن جدّه الأعلى فيها إنه:
"من أهل بلدة في نجد يقال لها الرّوْقية"، فقط، ولم يحددها هو بل
حددها ابن عيسى أو بعض من اطلع على نقله كما قلت.
ويبدو أنه كان يوجد
قرية تُسمَّى بهذا الاسم في حوطة بني تميم بالقرب من المجازة في أسفل الباطن منها
كما يذكر ذلك بعض الباحثين من أهل الحوطة، والذي ذكر أنّ اسم الرّوقية لا زال
باقياً حتى الآن؛ إلا أنّه ذكر أنّ القرية خربة مندثرة لم يبق منها إلا اليسير.[10]
وأما أنا فأرى أنّ
ابن عيسى أو من علّق على نقله، وكذلك الخطيب عبد المحسن النصر ربما أصابوا في
تعيينهم روقية حوطة بني تميم على أنها هي الرّوقية المعنية في وثيقة محمد بن ضيف
الله القطيفي؛ إلا أنني أحتمل أنها بلدةً أخرى تحمل الاسم ذاته، وتقع غير بعيد عن
روقية حوطة بني تميم، ولكنها تقع في منطقة الأفلاج بين مدينتيها ليلى وواسط، وهي
لا زالت حتى الآن معروفة عامرة، وفيها مزارع نخيل وآثار قصور تاريخية قديمة
ومهجورة؛ تدلُّ على عُمران قديم مزدهر كان فيها، ثم هي في الأفلاج، وهي بلاد سكنها
– كما سكنَ الحوطة أيضاً – بطون معروفة من قبيلة تغلب - التي سنعرف فيما يلي من
البحث أنّ آل ردينة ينتسبون إليها - علماً أنّه ربما تكون الرَّوقية التي في
الحوطة ربما يكون مؤسسوها سكانٌ نزحوا من روقية الأفلاج، ففي الزمن القديم كانت
الحدود الجغرافية بين الأفلاج وحوطة بني تميم هي غيرها الآن؛ بل كان كلا
المنطقتين، ومعهما الخرج وقراها أيضاً وحجر؛ كانت كلها تُسمّى بـ(العارض) كما سنرى
فيما يلي، وروقية الحوطة كما يُفهم من تحديدها تقع في أقصى جنوب الحوطة قرب
الحُلوة منها، وروقية الأفلاج تقع في أقصى شمال الأفلاج، والأفلاج يقع جنوب الحوطة
ملاصقاً لها.
إلا أنّ رَوْقيّة
الأفلاج هي الأشهر تاريخياً، فهي التي ذكرها الهمداني في (صفة جزيرة العرب) بقوله
عن (وادي أكمة) المعروف الآن بـ(وادي الأحمر)، أو (الحَمَر) في الأفلاج:
"ومِن
قِبْلَةِ الفَلج: فرعُ وادي أكمة، وبه بنو عبدالله بن جعدة، فأوّل جِزْعٍ مِنْها
الرَّوْقِيّة".[11]
وذكرها أيضاً ابن
خميس في رسمها من (معجم اليمامة)، فقال عنها:
"الرَّوْقِيّة
- بفتح الراء المشدّدة، وبعدها واو ساكنة، فقاف مكسورة، فياء مشددة مكسورة، فهاء
-: منهلٌ في وادي (الحَمَر) من الأفلاج؛ شرقيَّ (واسط)، وغربي (ليلى)؛ تبعد عنها
(34) كيلاً، ويشاركها هذا الاسم حيٌّ من أحياء الدرعيّة القديمة؛ خاصّ بأسرة آل
سُويلم من أهل العارض، وقد بدأ هذا الحيُّ الآن ينمو بضعف".[12]
ويلاحظ أنّ ابن خميس –
مع خبرته ومعرفته الكبيرة بنجد وبلدانها وجبالها ووديانها – لم يذكر إلا روقية
الأفلاج هذه!، والروقيّة الأخرى؛ الحيُّ الصغير في الدرعيّة!، ولم يشر إلى روقية
حوطة بني تميم!، وكان قد قال قبل ذلك عند حديثه عن وادي أكمة (الأحمر) الذي تقع
فيه رَوْقيّة الأفلاج:
"وبعد أن
ينحسر الجبل عن الوادي، ويأخذ في السهل بينه وبين (ليلى)؛ توجد هنالك هضبة بارزة
شهيرة حول مجرى الوادي؛ جنوبيّه؛ بينه وبين منهل (الرّوقيّة) تُسمّى (فريدة
الرَّوقية)؛ يُقال: إنّ سبب تسمية هذا الوادي بـ(أكمة) أنه مضاف إليها، وهذا ليس ببعيد، وقد أشار إلى
هذا بعض المعنيين بتاريخ منطقة الأفلاج".[13]
ويقصد أنّ وادي أكمة
سُمّي بهذا الاسم نسبة إلى الهضبة أو الأكمة التي تُسمّى بـ(فريدة الرَّوْقية)، أو
(أكمة الرَّوقية)، وهو يدلُّ على شهرة الرّوقية قديماً، وقال أيضاً بعد كلامه هذا:
"وقد وصف لي
أحدُ الإخوان وادي (أكمة) .. مبتدئاً بمحاذاة الوادي لبلدة (ليلى)؛ قاعدة الأفلاج،
ومصعداً عبر الوادي حتى نهايته في مرتفعات جبل العارض، فقال: أول ما يُصادفنا في
الطريق آبار للكُبُرَة – قبيلة من جميلة – ثم نأخذ في مجرى الوادي مارّين
بـ(الدمثاء)، فـ(الأبْرَق)، فـ(المِعْيَاز)، وعلى يساره (الحَنْشَل)، وبها أشجار
الطلح والسمر، ثم نأخذ بـ(بطن غيهب)، وهو مليء بالرمال؛ بعده (الحَصَا المُرَكَّز)
في حدباء ذات سرح وطلح، وعلى يساره (بطنُ منيضبة)، وعلى يمينه وادي (أم جُنَيْب)،
و(القُحَيْف)؛ بعده نمرُّ بـ(المقيصرات)، وبها صخور ومغارات وآثار؛ بعدها على
اليسار (قلاع العدواني)، وهي شعاب ذاتُ سلم وسمر؛ بعده (شِعْبُ الفَرِيْدة)،
ويمينه إذا انحدرت من ريعه شِعبٌ آخر؛ يقال له (أم سُلَيْم)؛ بعده (الرَّوْقِيّة)،
وبها مزارع، وآبارٌ، وأهلُها حاضرة وبادية".[14]
وقد أثبتُّ هذا النصّ
على طوله لأمرين اثنين؛ أوّلُهما أنه ذكر وجود آبار غربي (ليلى)؛ قال إنها
للكُبُرَة من قبيلة جميلة - الذين سأتحدث عنهم بعد قليل - وثانيهما كي يلاحظ
القارئ – كما لاحظتُ أنا – أنّ هذا الرّاوي الذي نقل عنه ابنُ خميس لم يذكر وجود
سكان من حاضرة وبادية في كلّ المواضع التي ذكرها بين (ليلى) وبين (الرَّوقية)
باستثناء هذه الأخيرة التي ذكر وجود سكان فيها من بادية وحاضرة مما يدلُّ على
عمارها، وأهميتها للبدو الذين كانوا يمتارون منها ما يعينهم على العيش في الصحراء،
وهذا يعني أنها كانت سوقاً للبادية، ولا تكون كذلك إلا إذا كانت ذات خيرات وموارد
وزرع.
ويقول أحدُ باحثي
الأفلاج عن رَوقيتها أيضاً:
"قرية بالقرب
من أكمة؛ من قرى بني عُقيل بن كعب بن ربيعة؛[15]
محصَّنة المداخل والمخارج؛ قوية الجُدُر؛ منيعة الأسوار؛ تقع قبل قرية واسط
بثمانية أكيال شمال الوادي، ويحدُّها من الغرب شعب (أبا الهشم)، ومن الشمال الجبل،
ولا تزال فيها بقايا حيطان وآبار قديمة قُضي على بعضها، وقد سُمّي شعبٌ قريبٌ منها
باسم الشاعر العُقيلي الشهير (القحيف)، ولا يزال الشعب يحمل هذا الاسم إلى اليوم".[16]
ويتضح لنا من كل ما
ذكرت أنّ هذه القرية كان لها شأنٌ واضح في تاريخ الأفلاج، وأن تاريخها يرقى إلى
زمن الهمداني أقدم من ذكرها، وهو من رجالات القرن الرابع الهجري.
نَسَبُ رُدَيْنَة
في سلسلة نسبه التي
كتبها بيده؛ نصَّ الخطيب الشاعر عبد المحسن بن محمد النصر المتوفّى عام 1411
للهجرة – والمنحدر من نسل رُدينة كما سنرى – نصَّ على أنّهم من الفضول، فبعد أن
وصل في سلسلة نسبه هذه إلى جدّه الذي سمّاه مانع بن المسيَّب؛ قال عنه:
"من قبيلة
الفُضُول؛ من أهل الحوطة بنجد".
إلا أنه عندما واصل
رفع نسب جدّه المسيّب رفعه إلى:
"مُرّة بن
ذهبل![17]
بن غزة!![18] بن ثعلبة بن عكاظة![19]
بن صعب بن بكر بن وائل"،[20]
وقوله عن مانع بن
المسيَّب في هذه السلسلة الخاصة بنسبه إنه من الفضول على الرغم من غرابته - لأنّ
الفضول معروفٌ عنهم أنهم من طيّ اليمانية، وهو رفع نسبه بعد ذلك إلى بكر بن وائل،
وهم من ربيعة النزارية - إلا أنه ليس الوحيد الذي قال إنّ فضول الأفلاج ووادي
الدواسر هم من وائل ربيعة، فسيمرُّ بنا في هذا البحث أنّ الباحث النجدي سليمان بن
صالح الدخيل نقل عن نسابة فضليّ نجدي قوله إنّ الفضول الذين في وادي الدواسر هم من
بني تغلب ابنة وائل الربعية هي أيضاً؛ بل كانت عبارته أنهم أحق الناس في الوادي
بالتغلبية، وربما تكون العلّة في ذلك هي أنه كان يوجد قبيلٌ من تغلب دخل في الفضول
أيام شهرة هذا الحلف وأوج قوّته، ثم إنهم بعد ضعف هذا الحلف بحثوا لهم عن حلف آخر،
فوجدوه في الدواسر الذي تكوّن في أول الأمر من بطون من قبيلتهم بني تغلب، فدخلوا
فيهم، ولكن بقي اسمهم الفضول يُطلق عليهم لم يتغيّر، ودخول بطونٍ من قبائل مختلفة
في حلفٍ قويّ كالفضول، وقبلهم سلفهم بني ربيعة الطائيين كان أمراً مألوفاً في
قبائل الجزيرة العربية، ومن يقرأ الجزئيتين المتعلقتين بعرب آل فضل وبني ربيعة في
كتاب (مسالك الأبصار) لابن فضل الله العُمَريّ يجد مصداق ذلك.
غير أنني لا أميل إلى
رفع الخطيب النصر نسب عشيرته إلى الفضول، ثم إلى بكر بن وائل، وأميل أكثر إلى رأي
رجلٍ آخرٍ من العشيرة ذاتها أيضاً - وهو أقدم من قريبه الخطيب النصر بقرنٍ من
الزمان، وأرى أنه أكثر منه علماً بعشيرتهما؛ ألا وهو الشاعر والزعيم الرُّديني
القطيفيّ الشيخ أحمد بن مهدي بن أحمد بن نصر الله آل أبي السعود؛ الذي نسب نفسه
وأسرته إلى قبيلة تغلب؛ قبيلة كُلَيْب والمُهَلْهِل، وقد وجدته يفتخر كثيراً في
شعره بأنّه من هذه القبيلة، ومن ذلك قوله من قصيدة أنشأها عام 1286 للهجرة عند خروجه
من القطيف إلى أوال، ثم منها إلى أبو شهر؛ يعرِّض فيها ببعض أهل القطيف، ويقول
فيها:[21]
أين الفوارس من ربيعة والألى |
|
|
|
ركبوا لحفظ الذمّة الأهوالا |
|
حاموا على عز الجوار فغودروا |
|
|
|
لكنهم تخذوا العلا أبدالا |
|
من كلّ أبلج ليس ترضى نفسه |
|
|
|
حتى تسيل على القَنا أوصالا |
|
أو أصيدٍ هجمتْ! إليه أرضُه |
|
|
|
في لابنٍ من تغلبٍ فأعالا[22] |
|
ويقول
في رثاء أمٍّ صديق له من أسرة (آل خميس) الذين نسبهم إلى مُضر:[23]
إليكمُ يا بني الحمراء من مضرٍ |
|
|
|
يُعزى الثنا من محبٍّ جدّ واحترما |
|
إنّا وأنتم سواء قد دنى حسبٌ |
|
|
|
منّا وإن بعدت أنسابُنا القُدَمَا |
|
كانت ربيعةُ في أحيائها فرقاً |
|
|
|
وإن عَزَوْتُ تولَّتْ كلُّها جُشَما |
|
وجُشَمُ من ربيعة، ثم هم من تغلب، وهم بنو جُشم بن
بكر بن حُبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب، فهو يريد أن يقول إنّ قبائل ربيعة فرق
كثيرة، ولكنه إذا اعتزى في فرق ربيعة بانتمائه إلى بني جُشم التغلبية، فستصبح هذه
الفرق الرَّبَعيّة كلها بني جُشم قومه الذين اعتزى إليهم، وذلك لأنّ بني جُشم من
بكر بن حُبيب الذين كان فيهم البيت والعدد من تغلب.[24]
ويقول في قصيدة أخرى يفتخر بنفسه:[25]
كلُّ مشبوح الذراعين فتىً |
|
|
|
يضرب الهامَ ويستصفي الهُماما |
|
يقرع الدهرَ بأدنى بأسهِ |
|
|
|
فيعجُّ الدهرُ رُعباً واجتراما |
|
وعظيمٌ في معالي تغلبٍ |
|
|
|
يصدع المقدارَ بطشاً وانتقاما |
|
وقال
معاتباً بعض من رأى منه العداوة من أسرته:[26]
فما
لبني أمّي وما لبني أبي |
|
|
|
يدبّون
فينا ما تدبُّ العَقاربُ |
|
خلاهم
وبيت الله فخرٌ ومفخرٌ |
|
|
|
إذا
ارتَدَتِ العَلياْ تميمٌ وغالبُ |
|
ألا
يحتذون الغُرَّ من آل تغلبٍ |
|
|
|
وقد
لعبت فيها النُّزاةُ اللوائبُ |
|
ويقول أيضاً في قصيدة
أخرى يفتخر فيها بنفسه وقومه:[27]
صمدوا
إلى حربِ المُلوك فدوَّخوا[28] |
|
|
|
وذوي
الحصون فزُلْزِلُوْا زلزالا |
|
وجرَتْ
سوابق خيلهم فسَمَتْ بهم |
|
|
|
نحو
السماء عزائماً وفِعالا |
|
وأبَرْنَ
بين يدي ( كُليبٍ ) تُبَّعاً |
|
|
|
فرضخن
يعربُ لا تروم مُحالا |
|
وافينه
يحملنَ طامية الشَّبا |
|
|
|
بيد
الأراقم والقنا الميّالا |
|
وهكذا نرى أنّ قومه
هم الذين كانوا مع كليب سيّد بني تغلب؛ بل سيّد ربيعة في زمانه، ولهذا فإنه لو
اكتفى بهذا لما كان فيه دلالة على أنّ قومه من تغلب لأنه كان مع كليب حينها جُلُّ
قبائل ربيعة وبعض مضر، ولكنه قال في البيت التالي عن قومه: "وافينه يحملن
طامية الشّبا بيد الأراقم"، والأراقم من تغلب، وهم بنو جُشَم المارّين
بنا قبل قليل، ومالك، وعمرو، وثعلبة، ومعاوية، والحارث، بنو بكر بن حُبيِّب بن
عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل، فهذا تأكيد على أنهم من تغلب لا غيرها.
ثم ما لنا وللإطالة،
وها هو آل نصر الله يعلنها صريحةً صدّاحةً في قصيدة أخرى يقول فيها مفتخراً بنفسه
وأسرته:[29]
أنا ابنُ من طأطأ من دونه |
|
|
|
هامُ المعالي وشمام العُلا |
|
أنا ابن من شادَ لأهل العفا |
|
|
|
بيتاً على الأيام لن يُبْسلا |
|
لنا المعالي من ذُرى تغلبٍ |
|
|
|
نسْمو إلى الغاية أو نُعْتلا[30] |
|
ورفع أحمد بن مهدي آل
نصر الله نسب عشيرته إلى تغلب هو الأرجح عندي، فردينة جدُّهم الأعلى سبق وقلت إنه كان
– قبل رحيله إلى القطيف – يسكن في رَوقيّة الأفلاج في نجد – أو حتى إذا افترضنا
صحة كونها رَوقية الحوطة – فهذه المنطقة في ذلك الحين عموماً كان بها الكثير من البطون
التي تنتسب إلى قبيلة تغلب ابنة وائل؛ الذين كانوا يُعرفون بـ(دوسر)،
و(الدَّواسر)، وهو اسمٌ ارتبط بقبيلة تغلب وأختها بكر منذ عصر عمرو بن هند ملك
الحيرة الذي ذكر المؤرخون أنه كانت له كتيبتان من بكر وتغلب؛ يُقال لإحداهما:
دوسر، والأخرى: الشهباء.[31]
وفي بحثٍ بعنوان:
(بقايا بني تغلب) لأحد مؤرخي قبيلة الدواسر، وهو سليمان بن صالح الدخيل الدوسري
النجدي؛[32] ذكر نقلاً عن من أسماه
بـ(فهد المحمد الفضلي)، ونعته بأنه كان نسّابة من كبار رجال جنوبي نجد عدة فوائد،
وكان من ضمنها قول هذا النسابة إنّ قبيلة الدواسر المعروفة في الأفلاج هم:
"من بني تغلب
بن وائل".
كما نقل عن هذا
النسّابة أيضاً قوله عن سكان وادي الدواسر:
"وأحقهم
بالتغلبية: (آل فُضُوْل)[33]
– بضمتين - ولا يوجدون اليوم إلا في الوادي المذكور، وليس كل من نازلهم هناك هم
منهم لأنّ فيهم من أعراب بَكْرٍ،[34]
وَزَائِدٍ وغيرهم".
ثمّ علَّق الدخيل على
قول هذا النسابة النجدي عن الدواسر بقوله:
"والظاهر
إنهم من تغلب طبقاً لما قال هذا النسابة وذلك من وجهين:
1- اتفاق أكثر
النسابين العصريين على هذا الرأي لا سيما أولئك الذين ترددوا إلى تلك البلاد إذ هم
لسان واحد في أن التغالبة هم في جنوبي جزيرة العرب ولم يذكروهم بين عرب الشمال وإن
كانوا في سابق العهد ينزلون الديار الشمالية.
2- كثيراً ما ينقل في
أدبيات وأشعار هؤلاء الأقوام ما يدل على إنهم تغالبة فقد قال أحد شعرائهم
العصريين:
إنا بَنيْ تَغْلبٍ مِنْ نَسْلِ وَاْئِلْ |
|
|
|
مِنْ قَدِيْمْ شْبُوْبِ الحَرْبِ مِنَّا |
|
إنْ خَذَيْنَا السَّلائِلْ بالدَّبَاْئِلْ |
|
|
|
نِعْجِبِ إلْلِيْ غَطَاْرِيْفَهْ تِثَنَّىْ" |
|
إلى أنْ قال:
"أما إن
الدواسر هم من بني تغلب فأكثرهم يقولون به؛ بل وإلى الآن نخوتهم في الحرب حينما
يتداعون: (يا أولاد وائل)، وعرب الجزيرة تشهد لهم بالأصالة التي يدعون بها".
وهذان البيتان اللذان
نقلهما الدخيل الدوسري عن أحد شعراء الدواسر، ولم يُفصح عن اسمه؛ ذكرهما ابنُ
عبَّار - وهو باحثٌ آخر في أنساب قبيلة عنَزَة - بإضافة بيت ثالث، وقال إنها
للشاعر سحيم المصروري[35] التغلبي، وروايتها عنده
كما يلي:
حِنَّا بَنيْ تَغْلبْ ومِنْ نَسْلِ وَاْئِلْ |
|
|
|
مِنْ قَدِيْمْ وشْبُوْبِ الحَرْبِ حِنَّا |
|
إنْ خَذَيْنَا السَّلايلْ بالدَّبَاْيلْ |
|
|
|
نِعْجِبِ إلْلِيْ غَطَاْرِيْفَهْ تِثَنَّىْ |
|
نشتهْرْ
بالدَّوَاْسِرِ الأوَايلْ |
|
|
|
عَمْرُو
بن كلثومْ وكْلَيْبْ مِنَّا" |
|
وكان هذا الباحث قد
قال قبل هذه الأبيات:
"ومن الثابت
والمعروف لدى رجال الدَّواسر الذين من فرع تغلب أنهم من تغلب بن وائل بن قاسط بن
هنب بن أفصى بن دُعميّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة، وليس من تغلب قضاعة كما يزعم
بعضُ من كتب بالأنساب، وقد تطرق الكثير من شعراء هذه القبيلة الشعبيون قديماً
وحديثاً، وأشاروا إلى نسبهم من تغلب بن وائل، وقالوا بذلك الكثير من الشعر الدال
على عتزازهم بنسبهم، وهذه نماذج قليلة مما قيل في هذا المجال".[36] ثم ذكر الأبيات الثلاثة
المارّة بنا، وأتبعها بغيرها مما لا داعي لذكره هنا، ولكنني أحب أنْ أعقّب على
البيت الثالث الذي ذكره ابن عبّار للمصروري، وهو قوله: "نشتهر بالدَّواسر
الأوائل"، فهذا صحيح لأنّ أصل حلف الدواسر الموجود الآن في الوادي
المعروف باسمهم وفي الأفلاج وحوطة بني تميم كان عبارة عن بطون من تغلب التي كانت
مع بني عمومتها بكر تشترك في حلف (دَوْسر) أيام ملك الحيرة عمرو بن هند كما ذكرت
قبل قليل، وقد تجمعت هذه البطون التغلبية ومعها بعض البطون الرَّبَعيّة الأخرى،
فأنشأوا حلف الدّواسر القديم، وهو ما أراده الشاعر المصروري بـ"الدواسر
الأوائل"؛ لأنه، وفي القرن التاسع الهجري نزلت على هذه البطون التغلبية
والرَّبعيّة بطونٌ يمانية من وادعة وغيرهم، فعقدوا حلفاً جديداً معها، ولكن بقي
اسم الدواسر لهذا الحلف الجديد لم يتغير حتى الآن.
ولهذا نجد فؤاد حمزة قال
عند حديثه عن الدواسر إنهم أحلافٌ ينتسبون إلى جذمي العرب؛ قحطان وعدنان، وذكر أنه
بناءً على ذلك فإنهم ينقسمون إلى قسمين؛ الأول: دوسر، وقال عنه: إنه ينتسب إلى
تغلب، والثاني زائد، وذكر عنه أنه ينتسب إلى قحطان، ثم ذكر أفخاذ البطن الأول،
فقال:
"البطن
الأول: آل دوسر بن تغلب، وينقسمون إلى خمسة أفخاذ، وهي: المصادير!، والحُقبان،
والخُيَيْلات، والعُمُور، والمشادية!".
كما ذكر أنّ "الأفلاج
مملوءٌ منهم".[37]
ومن قبائل الدواسر
الشهيرة التي تنتسب إلى تغلب: بنو جميلة المشهورة[38] منذ القرن الثامن الهجري
حيث ذكرها ابنُ فضل الله العُمَريّ عاداً لها من عرب العارض، وكان يعني بالعارض ما
يقع جنوب الوشم، وهو يشمل الخرج والمجازة، وقريتيها الشهيرتين بريك ونعام،
والأفلاج وقراه، ولا يدخل فيه الوشم لأنه قال:
"عرب العارض:
- والعارض وراء الوشم .. – وهم: بنو زياد، والجميلة، وعرب الخرج: وهم العقفان،
والبرحان،[39] ومن بلادهم بريك ونعام".[40]
فمن الواضح أنه فرَّق
بين العارض والوشم،[41] وقوله: "وراء الوشم"
أي جنوبه لأنّ ابن فضل الله العمري كان في مصر، والوشم يقع في جهة الجنوب بالنسبة له،
وكذلك هو العارض بالنسبة إلى الوشم، ومن الواضح أنّ ابن فضل الله ذكر من قبائل
العارض والخرج أربع قبائل، واثنتان من هذه القبائل تُنسبان إلى تغلب، وهم
العُقفان، وجميلة، فالعقفان حتى وإن ورد عنهم أنهم تميميون في بعض المصادر
التاريخية القديمة؛ إلا أنّهم دخلوا في أخوالهم بني تغلب في الجزيرة، ومنهم سجاح التميمية
المتنبئة التي جاء في تاريخ ابن خلدون عنها قوله:
"سجاح بنت الحارث
بن سويد؛ من بنى عُقفان؛ أحد بطون تغلب، وكانت تنبأت بعد الوفاة، واتبعها الهذيل بن
عمران في بنى تغلب".
ثم قال بعد أن ذكر
انهزامهم من جيش المسلمين وتفرقهم:
"ولحقت سجاح بالجزيرة،
فلم تزل في بني تغلب حتى نقل معاويةُ عامَ الجماعة بني عُقفان عشيرتها إلى الكوفة".[42]
وهذا الذي قاله ابن خلدون
قد يكون ناتجاً عن سوء فهمه لنصّ الطبري حول سجاح، وهو قوله في تاريخه عنها:
"وكانت سجاج بنت
الحارث بن سويد بن عقفان هي وبنو أبيها عقفان في بنى تغلب فتنبئت بعد موت رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالجزيرة في بنى تغلب فاستجاب لها الهذيل وترك التنصر".
ولكن من الجائز أيضاً
أنّ بني عقفان التميميين قوم سجاح ربما صاروا ينتسبون إلى تغلب في زمن ابن خلدون، فالمدة
طويلة جداً منذ دخولهم الجزيرة، وانضمامهم إلى أخوالهم بني تغلب قبل الإسلام، وحتى
وقت ابن خلدون في القرن التاسع الهجري، فلعله عدهم من تغلب لذلك.
وأما بنو جميلة[43] القبيلة الثانية التي نُسبت
إلى تغلب كما العُقفان من عرب العارض والخرج، فهي على الرغم من أنّ بعض المؤرخين
والباحثين نسبها أيضاً إلى عَنَزَة،[44] إلا أنه سبق القول إنّ
كثيراً من بطون ربيعة بن نزار، ولاسيما بكر وتغلب انتسبوا في الأزمان الأخيرة إلى
عنزة هذه، وهم يسمّونها عنزة بن وائل، ويعدونها حلفاً لا قبيلة، ولهذا قال المزيني
عن لقب الجميلي إنه:
"لقب منسوب
لعشيرة الجميلات؛ من تغلب بن وائل من قبيلة عنزة".[45]
فجمع بين القبيلتين
في نسبهم، وجعل تغلباً من عنزة كما نرى؛ في حين يرى حسين خلف الشيخ خزعل أن جميلة
من بكر بن وائل، وأن بكر بن وائل من عنزة! أيضاً.[46]
إلا أنّ بعض النسّابة
والمؤرخين النجديين - كجبر بن سيّار وحمد بن لعبون - ذكروا أنّ جميلة أو الجميلات
أهل الأفلاج هم من بني وائل، وفي تاريخ ابنِ لعبون ورد النصُّ على أنهم من تغلب؛
كما ذكر هذا الأخير أيضاً أنه كانت لهم رئاسة وسيادة في الأفلاج،[47] ويؤكد رئاستهم للأفلاج في
السابق ما ذكره بعض مؤرخي اليمن في أحداث سنة 1073 للهجرة؛ حيث ذكروا أنه في هذه
السنة وصل عند إمام اليمن؛ أحمدِ بنِ الحسن بن القاسم شيخٌ يُقال له غَنّام بن
رشود الجُمَيْلِيّ،[48] ووصفوه بـ"الشيخ
الريّس الكبير"؛ كما ذكروا أنّه كان أمير نصف البديع[49] المتوسطة بين وادي الدواسر
والأحساء، ووصفوها بأنها كانت بلداً كبيراً لها ثلاثة
أسوار، وفيها ثلاثة حصون، وذكروا أنّ ساكنها نحو ألف رجل؛ كما ذكروا أنه كان فيها نحو
ألفي بير، وذكر أنه طلب من الإمام أحمد بن الحسن أن يرسل معه خطيباً داعية إلى
بلاده البديع ليبايعوا الإمام، فأرسل معه ما طلب في قصةٍ طويلة،[50] وسنرى لاحقاً أنه ليس
البديع فقط الذي كان من مساكن بني جُميلة في الأفلاج؛ بل كان لهم فيه قرىً كثيرة
غيرها؛ كما إنه كان لهم أفخاذ وبطون كثيرة سكنت هذه القرى، وهو غير مستغرب لأنّ الجُميليين
كانوا سكّان الأفلاج منذ القرن الثامن الهجري كما راينا فيما تقدم معنا عندما
ذكرهم ابن فضل الله المتوفى عام 749 للهجرة ضمن عرب العارض، ومن المرجّح أنهم
كانوا في الأفلاج قبل هذا التاريخ.
وقد يكون اسم
(جميلة)، أو (جُميلات) جاء من اسم جدٍّ تغلبيّ لهم اسمه جُمَيْلة، أو جُمَيْل لأنّ
النسبة إليهم كما رأينا هي: الجُمَيْليّ بضمّ الجيم، وفي تغلب فارسٌ مشهور في كتب
التاريخ والأنساب؛ اسمه: جميل بن قيس بن عمرو بن حصن بن سلمة بن كعب بن سالم بن حارثة
بن كسر بن كعب بن زهير بن جُشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب،[51] وسبب شهرته هو قتله لعُمير
بن الحباب السُّلَميَّ سيّد قيسٍ وفارسها يومَ الحشاك أحد أيام قيس وتغلب في
الإسلام، والذي انتهى بانتصار كاسحٍ لتغلب على قيس بفضل قتل فارسهم جميل بن قيس
هذا لسيّد قيس؛ عمير بن الحباب، ونظراً لأنّ مقتل عمير كان له أثرٌ كبير في هزيمة
قيس، ونظراً لأنه كان فارس قيس وزعيمها الأعظم، فقد ادّعى قتله غير واحدٍ من تغلب،
ومنهم ابن هوبر التغلبي الذي كان زعيم تغلب في تلك الحرب، ولكن بعض شعراءتغلب قال ينكر
ذلك:
وإن عُمَيراً يومَ لاْقَتْهُ تَغْلِبٌ |
|
|
|
قَتِيْلُ جُمِيْلٍ لاْ قَتِيْلَ ابْنِ هَوْبَرِ |
|
ولو لاحظنا سلسلة نسب
جميل التغلبي قاتل عمير نرى أنه من بني جُشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن
تغلب، وبنو جُشم هؤلاء هم ذاتهم الذين ذكرهم أحمد بن مهدي آل نصر الله في شعره الذي
ذكرته له فيما مضى من هذا البحث، والذي يفخر فيه بهم، وينتسب إليهم دون سائر بطون
بني تغلب.
وهذه الحرب الضروس
التي نشبت بين تغلب وقيس كانت في أول الأمر سجالاً بينهما، وكانت هذه الحرب في
شمال العراق قرب الجزيرة الفراتية المعروفة بسكن بني تغلب لها قبل الإسلام وبعده،
وهي ذاتها الجزيرة التي كان يقطنها العقفان البطن التميمي الذي انضم إلى أخواله
بني تغلب وانتسب فيهم كما مرّ بنا، والعُقفان هم الذين ذكرهم ابن فضل الله مع بني
جميلة ضمن عرب العارض أيضاً، وهذا يجعلني أتجاسر بعض الشيء لأقترح احتمال كون
الجُميلات التغالبة ينحدرون من نسل جميل بن عمرو الجشميّ التغلبيّ هذا، وأنّ أولاده
ربما هجروا ديارهم في الجزيرة والموصل خوفاً من هذه الحرب الدموية الدائرة بينهم
وبين قيس لأنّ تغلب بعد أن انتصرت على قيس في يوم الحشاك كما سبق وذكرت عادت عليهم
قيس بقيادة الجحاف بن حكيم السلمي، فأوقعت بهم وقعةً قاصمة في معركة البشر
الشهيرة، والتي أفاض المؤرخون في تفصيلها، وذكروا وقوع أشياء مرعبة وفظيعة يقشعر
لها الجسم من قبل المنتصرين من بني قيس مثل بقر بطون النساء التغلبيات وهتكهن
وقتلهن وقتل رجالهن الأسرى بأبشع قتلة، وكان من نتائج هذه الوقعة تفرق تغلب في
البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، فهل كانت هذه الوقعة هي السبب الذي جعل
العقفان ومعهم بنو جميل التغلبي الذي سيُعرفون لاحقاً باسم الجميلات يفرّون من
العراق، ويفضلون العودة إلى الجزيرة العربية، ومنها إلى نجد، فالأفلاج؟ كل ذلك
جائز، فقد كان ما فعله الجحاف بن حكيم ببني تغلب في البشر هو انتقام لمقتل ابن
قبيلته وفارسها عمير بن الحباب، وقد ذكر ذلك في شعر له، ولا شك أنّ بني جميل بن
عمرو قاتل عُمير سيكونون أوّل همّه، ومن يدري فلعله كما أنّ وقعة تحلاق اللمم -
وهي آخر أيام حرب البسوس التي انتهت بانتصار ساحق لبكر على تغلب - هي التي أجبرت
بني تغلب على الهجرة من الجزيرة العربية إلى العراق قبل الإسلام، فلا يُستبعد أن
تكون وقعة البشر، وهي آخر وقعة لقيس على تغلب في حربهم، وقد انتصرت فيها على تغلب
انتصاراً ساحقاً أيضاً هي السبب في عودة بطون تغلبية إلى جزيرة العرب مرّةً أخرى،
ومن ذلك عودة الجميلات والعقفان إلى العارض حيث الأفلاج.
وكما تجاسرت في نسبة
الجميلات إلى جميل بن قيس التغلبي، فإنني سأتجاسر مرّة أخرى بالقول باحتمال كون
رُدينة ينحدرُ من الجُميلات سادة تغلب في الأفلاج وما حولها، وما شجعني على ذلك هو
ما ذكره القاضي حمد الحُقيل العنزي - وهو أحد مشهوري النسابة المعاصرين، ومن قبيلة
عنزة التي تُنسب لها جُميلة أيضاً – حيث ذكر أنّه كان في الحَسَا[52] بادية من بني جُميلة
هؤلاء،[53] فلربما كان يشير إلى آل
رُدينة في أول مجيئهم إلى المنطقة حيث كانوا بادية كما سيرجح عند الحديث عن وقت
مجيء جدهم إلى المنطقة، وهو رأيٌ يقويه انتساب أحمد بن مهدي آل نصر الله الرُّديني
إلى تغلب - الذين تنتمي إليهم جُميلة أيضاً - وكذلك نصُّ ابن عمّه محمد بن ضيف
الله آل نصر الله على أنّ جدّهم ردينة من الرَّوقية في نجد، والرَّوقية هذه – كما رأينا
– تقع في الأفلاج، أو الحوطة، وهي بلاد تغلب منذ القرن الثامن وربما قبله أيضاً،[54] ويحيط بالرّوقية قُرى ومياه
كثيرة أغلبها لبطون من الجُميلات، والحقبان، وهم من تغلب أيضاً،[55] فمن البطون الجُمَيْليّة
التي كانت تسكن الأفلاج:
·
الكُبَرَة؛ الذين من
قراهم، ومياههم: الخالدية، والحضافة، والوسيطاء، والجبيلة، وهذه الأماكن كلها تقع حول
(ليلى)، وفيما بينها وبين البديع وواسط والهدّار.[56]
·
آل عرفج: الذين من قراهم
في الأفلاج أسيلة أو وُسَيْلة كما تُنطق الآن.[57]
·
النتيفات: ومن مياههم
وقراهم في الأفلاج الطوال الواقعة غرب الأحمر بـ50 ميلاً، والهمجة الواقعة في وادي
الركا من نفود الدحي شمالي الهدار بـ60 ميلاً تقريباً، والمعيزيلة الواقعة شمالي الهدار
بـ68 ميلاً.[58]
·
الغررة: ومن قراهم الحُلوة
– كما سيأتي بعد قليل – الواقعة في أقصى الطرف الجنوبي لحوطة بني تميم الموالية
للأفلاج.
·
المصارير؛ ومن قراهم
في الأفلاج: الهدّار.[59]
فهذه كانت أشهر بطون
الجميلات في الأفلاج، وتلك كانت قراها ومياهها، وأغلب هذه القرى تقع في (وادي
الأحمر) المعروف قديماً باسم (وادي أكمة)، والرَّوقية تقع في هذا الوادي هي الأخرى
بين (ليلى) و(واسط) منه؛ تحيط بها هذه القرى التي لبني جميلة،[60] ووحدها واسط من هذه القرى
كانت لبطنٍ آخر من غير الجُميلات؛ إلا أنهم ينتسبون في تغلب أيضاً، وهم الحُقبان
المتقدم ذكرهم، وهذا يؤكد أنّ قرى وادي أكمة – المعروف بالأحمر أو الحَمَر الآن –
كانت كلها لبني تغلب، ثم إنّ أغلبها كان للجُميلات منهم، وإذا كان رُدينة هو من
قرية الرَّوقية هذه كما رجَّحتُ، فيمكننا القول عندها إنه من قبيلة الجُميلات
المذكورة،[61]
وهو ما أرجحه لأنّ قبيلة الجُميلات هذه عُرف عنها أنّ بطونها كانت في هجرة دائمة
من الوادي والأفلاج ووادي بريك ونعام منذ القرن التاسع الهجري، وحتى القرن الحادي
عشر الذي شهد آخر أشهر هجراتهم من الأفلاج،
وهي هجرة أسر آل صباح وآل خليفة والجلاهمة وغيرهم من الجُميليين من هذه
البلاد إلى شرق الجزيرة العربية.
وأياً يكن الأمر؛ فإنّ
الذي صارَ مُرجَّحاً عندي هو أنّ رُدينة كان ينتسب إلى قبيلة تغلب ابنة وائل عامّة؛
بدلالة رفع حفيده أحمد بن مهدي آل نصر الله نسبه، ونسب أسرته إليهم كما سبق ورأينا،
فهذا الرجل كان شاعراً عالماً عارفاً بأنساب أهل وقته فضلاً عن نسب أسرته، وهو ما
يُلمس في هذا الديوان الضخم الذي خلّفه وراءه؛[62] بل حتى ابن عشيرته الخطيب
عبد المحسن النصر الرُّديني لم يبعد عن ذلك كثيراً، فمع نصّه على أن أحد أجداده
الذي ذكره في سلسلة نسبه المشار إليها في أول هذا البحث هو من الفضول – الذين ذكر
النسّابة الفضلي الذي نقل عنه سليمان الدخيل أنهم من تغلب أيضاً كما سبق وذكرت
فيما مضى – إلا أنّ الخطيب النصر عاد ورفع نسبه بعد ذلك إلى مُرّة بن ذهل بن شيبان
البكريين الوائليين، فهو على ما يبدو كان يرى – كما يرى ابنُ عشيرته أحمد بن مهدي
آل نصر الله - أنّ عشيرتهما الردينية هم في النهاية من وائل ربيعة على ابعد تقدير،
ووائل كما سبق وذكرت صار في العصور المتأخرة عبارة عن عمارة تجمع بطون قبائل ربيعة
من بكر وتغلب وعنزة وغيرهم، وإن كانت عنزة هي التي صار اسمها الرابط الجامع لهذه
القبائل، ولذلك صارت تُعرف بعنزة ابنة وائل.
زَمَن رُُدَيْنَة وَوَقْتُ هِجْرَتِهِ من
الرَّوْقيّة إلىْ القَطِيْف
سبق وأشرتُ قبل قليل
إلى ما ذكره أحد نسّابة قبيلة عنزة - التي يُنسب لها الجميلات أيضاً - وهو القاضي
حمد الحقيل العَنَزي الذي يقول:
"ومن جُميلة؛
من عنزة:[63] الغررة في الحلوة؛[64]
منهم الموجود من آل عبد العزيز، وفي الحَسَا: بادية مع هواملة الفُرْجان،[65]
ومنهم النتفات في الهَدَّار، ومنهم الكُبُرى؛ بادية كبيرة تقيم بين الخرج والأفلاج".[66]
فواضح من هذا النصّ
أن الجميلات كانت لهم بادية في الحَسَا، ويُقوّي قوله هذا وجود مورد ماء يُعرف بـ(الرُّدَيْنيّة)
يقع عند الونّان الآن من قرى (وادي المياه) المعروف قديماً باسم (الستار الجابري)
الواقع شمال (الستار الأغر)، وهما الستاران المعروفان في البحرين كما ذكرت المصادر
الجغرافية القديمة.
والمراد بـ(الحَسَا) في نصّ الحقيل؛ بادية
الأحساء والقطيف لأنّ مُسمّى الحَسا صار يُطلق على هاتين الواحتين وما يتبعهما منذ
احتلال العثمانيين لهما في أواسط القرن العاشر الهجري، وهلمَّ جرّاً، ومن الجائز
أن يكون الحقيل يعني ببادية جُميلة في الحساء الجلاهمة لأنهم من الجُميلات هم
أيضاً، ولأنه من المعروف أنهم هاجروا مع بني عمهم آل صباح وآل خليفة الجُمَيليين
من الهدّار بالأفلاج في القرن الحادي عشر الهجري إلى شرق الجزيرة العربية، وأراضي
فارس حتى استقرّ آل صُباح في الكويت فحكموها، واستقر آل خليفة في البحرين وحكموها،
وأما الجلاهمة، فإنهم لم يتمكنوا من تكوين دولة لهم كبني عمهم آل صباح وآل خليفة،
فسكنوا في الأراضي الساحلية بالقرب من القطيف والأحساء كالدمام والزّبارة، ومنهم
كان بعد ذلك بمدة رحمة بن جابر الجلاهمة.
إلا أنّ الحقيل لم
يُفصح عن مراده ببادية الجميلات في الأحساء عُموماً، وبالتالي فلا حرج علينا لو
قلنا إنه ربما أراد بهم بطناً من جُميلة هاجروا من الأفلاج وما حوله إلى بوادي
القطيف والأحساء قبل هذا التاريخ الذي جاءت فيه أفخاذها من آل صباح وآل خليفة
والجلاهمة بقرنٍين ونيّف؛ أي في أواسط القرن التاسع الهجري، وهي الحقبة التي
يَرْجُحُ أنْ يكون فيها رُدينة التغلبي قد هاجر بعشيرته وأهله من الأفلاج وما حوله
إلى القطيف والأحساء، ومصدر يقيننا في كون ردينة كان موجوداً في هذه الحقبة هو بعض
سلاسل النسب التي وردتنا عبر وثائق بيع وشراء وتقسيم إرث لبعض أحفاده، والتي يمكن
من خلالها أنْ نحدد على وجه التقريب – وليس التأكيد – الحقبة الزمنية التي عاش
فيها رُدينة.
فقد رأينا في وثيقة
محمد بن ضيف الله أنّه نسب جدّه بيات على أنه:
"بيات بن عبد
الله بن حمد بن قاسم بن عبد الله بن الرُّدَيْنيّ".[67]
إلا أنّ نسب بيات كُتبَ
في الوثيقة القطيفية الخاصة بأوقاف أولاده وأولاد أخيه حمد، والتي كُتبت عام
1189هـ بهذه الصورة:
"حمد وبيات
ابني عبد الله بن قاسم بن ردينة"[68]
وهكذا نرى أنه بدلاً
من لفظة "الرُّدَيْني" في سلسلة النسب في الوثيقة الأولى؛ كُتب
الاسم "رُدَيْنة" في الوثيقة الثانية؛ إلا أنّ سلسلة النسب في
الوثيقة الأولى كانت أكثر طولاً من الوثيقة القطيفية الثانية، فقد وردت سلسلة النَّسب
فيها بزيادة اسمين سقطا من الأخيرة؛ هما: حمد وعبد الله الأخير.
وبحسب الوثيقة
الأولى، فإننا نجد أنّ ردينة هذا كان من رجال منتصف القرن التاسع الهجري لأنّ سلسلة
النسب بينه وبين حفيده بيات تتكون من ستة أفراد متسلسلين؛ أي ستة أجيال، وبيات كان
من رجال النصف الأول من القرن الحادي عشر الهجري، وكان حيّاً عام 1040هـ كما سنرى
بعد قليل من وثيقة قطيفية أخرى، وهذا يعني – بحساب الأجيال في النَّسَب – أنّ
ردينة؛ الأب الخامس لبيات كان من رجال منتصف القرن التاسع الهجري كما قلت لأنّ
الجيل بحسب المتعارف عليه يُعطى له 33 سنة على أكثر تقدير؛ أي أنّ مجموع هذه
الأجيال الستة هو 198 سنة، وبطرحها من العام 1040هـ وقت وجود بيات؛ يكون الناتج
هو: 842هـ، وهو الزمن التقريبي لوجود ردينة الجدّ الأعلى لبيات في بلده الرّوقيّة
في نجد.
ولكن ينبغي الأخذ
بعين الاعتبار أنه ليس بالضرورة أنْ يكون هذا التاريخ هو تاريخ رحيل رُدينة من نجد
إلى شرق الجزيرة العربية؛ بل قد يكون ذلك قد حدث بعد ذلك بعقد أو أكثر من السّنين؛
أي في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري، وهي الحقبة التي شهدت أوج ازدهار
واتساع دولة آل جبر في إقليم البحرين القديم، ومراكزه الثلاث: القطيف والأحساء
وجزيرة أوال، وكان بنو جبر – وأصلُهم من نجد أيضاً كبني رُدينة – يشجّعون قبائل
نجد على المجيء إلى البحرين، ويبذلون لهم الأموال الكثيرة ليتقووا بهم في حروبهم
المتواصلة، وأحياناً كانت بعض هذه القبائل والبطون النجدية تفضل الرحيل إلى شرق
الجزيرة العربية لأمور شتى منها سنيّ الجدب والقحط التي كانت تحصل دائماً في نجد،
ومنها حبُّ العيش في بلاد تكون أكثر رخاءً وخصباً ومياهاً لا تنقطع، وهو ما كان
عليه حال إقليم البحرين القديم، وخصوصاً إذا ما رأت هذه البطون والقبائل ترحيباً
بها من قبل شيوخ هذه البلاد الخصبة، ولهذا كله، فلا عجب إذا ما هاجر رُدينة
الوائلي من بلاده إلى القطيف والأحساء، فالناس بطبعهم يطلبون السعة والعيش
الرَّغيد.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد
كان للجبريين اهتمامٌ واضحٌ بإخضاع قبائل وادي الدواسر والأفلاج ووادي بريك ونعام؛
إما بالترهيب وإما بالترغيب لأنّ الجبريين كانوا معنيين بحفظ أمن وسلامة قافلة
الحجّ التي كانوا يسيّرونها من القطيف والأحساء إلى مكة باحتفالية كبيرة من حيث
العدد والعدة، فكان أنْ جعلوا طريق الحج من واحتي القطيف والأحساء إلى مكة هو
الطريق المعروف الذي يمرّ على وادي بريك ونعام،[69] وهذا الطريق يمرّ بعد ذلك
على الأفلاج لرفاهته ووفرة مياهه، وسرعة الوصول منه إلى مكة؛[70] خصوصاً وأنّ هذه القافلة
لم تكن مقتصرة على حجاج القطيف والأحساء وأوال فقط؛ بل كان يشترك فيها حجاج فارس
والهند وعُمان أيضاً، وكانت ذات عددٍ ضخمٍ جداً، وبهرجة كبيرة كما يرد في مصنفات
تلك الفترة،[71]
وكان سلاطين الجبريين يحرصون كل الحرص على أن تصل هذه القافلة بأمان ورفاهية إلى
مكة، ومن ضمن الاحترازات التي كانوا يتخذونها لأجل ذلك هو كسب ودّ القبائل التي
يصادفونها على هذا الطريق بدءاً من البراري المحدقة بالقطيف والأحساء إلى أن يصلوا
إلى مكة المكرمة، فإذا لم يكن ودٌّ، فالسيفُ أصدقُ أنباءً من الودّ.
ومن ضمن هذه القبائل
التي كانت في هذا الطريق: قبائل نعام وبريك والأفلاج والعقيق الذي سيُعرف لاحقاً
باسم (وادي الدواسر)، وهي قبائل كانت منقسمة بين قبائل مسالمة للجبريين، وقبائل
غير مسالمة لهم، ومن هذه القبائل التي كانت غير مسالمة لهم: الدّواسر؛ الحلف الذي
يتكون من بطونٍ من تغلب حينها، وهي القبيلة التي ينتمي إليها الشيخ رُدينة، وقد
وصل الحال أنّ الدواسر هؤلاء كانوا أحياناً يصلون إلى حدود الدولة الجبرية،
ويهاجمون أطرافها، وهو ما حدا بسلاطين هذه الدولة إلى القيام بحملات تأديبية لهم،
ومن يقرأ ما وصل لنا من شذرات تاريخية قليلة جداً حول تلك الحقبة يجد أنّ سلاطين
الجبريين قاموا بغزو الخرج بكل حدوده القديمة التي كانت تشمل حينها وادي نعام والأفلاج؛
بل إنهم غزوا أيضاً وادي العقيق (الدواسر) أكثر من مرّة.
ومن ذلك ما ذكره البسام من أنه في العام 851 للهجرة قصد
زامل بن جبر العُقيلي العامري ملك الأحساء والقطيف الخرج، وصبّح الدواسر وعائذ
عليه، وحصل بينهم قتال شديد قُتل فيه عدة رجال من الفريقين، ثم صارت الهزيمة على
الدواسر وعائذ، واستولى زامل على محلتهم، وأغنامهم، وبعض إبلهم، وأقام في الخرج
نحو عشرين يوماً، ثمّ قفل راجعاً إلى وطنه؛[72] كما ذكر أنه في العام 852
للهجرة خرج زامل نفسه من الأحساء، وقصد الدواسر في واديهم، وذكر أنّ السبب في ذلك
هو أنهم كانوا قد أكثروا الغارات على بوادي الأحساء، فأوغروا صدره، فدهمهم في منازلهم،
ثم إنهم صالحوه على أن يكفوا الغارة عمن تحت يده من العربان، وأعطوه من الخيل والركاب
ما أرضاه، فرجع إلى وطنه،[73] وذكر أنه في العام 855
للهجرة قصد زامل الخرج، وأقام فيها نحو عشرة أيام، وذكر أنه فعل كذلك في العام 866
للهجرة.[74]
إلا أنه يبدو أنّ
الدواسر بعد موت زامل عادوا إلى عادتهم القديمة مع الجبريين في العام 890 للهجرة
ناقضين الصلح الذي تمّ بينهم في العام 852 للهجرة؛ لأنّه في هذا العام غزاهم
خليفته أجود بن زامل في الخرج، وأخذهم، وأقام في الخرج مدة أيام، ثم رجع إلى وطنه،[75] ثم عاد وغزاهم عام 893
للهجرة، فصبّحهم على الحرملية، وأخذهم لأنهم أكثروا الغارات على بواديه، فقتل منهم
عدة رجال،[76]
وغزاهم أيضاً عام 900 للهجرة في الرويضة من نجد، فأخذهم، وقتل منهم عدة رجال.[77]
ويلاحظ من ترتيب هذه
الغزوات للجبريين على الدواسر أنها أولاً كانت في الخرج، ثم في واديهم أي وادي
الدواسر، ثم نراها بعد ذلك تبعد بعض الشيء؛ إلى الحرملية والروضة، وهما قرب
الدوادمي مما يعني أنه أصبح لديهم خوفٌ وقلقٌ دائم من الجبريين مما اضطرهم إلى ترك
ديارهم في الخرج الذي كان يشمل الأفلاج ونعام، ويتجهون أبعد من ذلك نحو الغرب حيث
الرويضة والحرملية، ومع ذلك لم يسلموا من غزو الجبريين لهم.
ويبدو أنّ هذه
الغارات المتكررة من الجبريين على الدواسر قد جعلت بعضهم – ولاسيما المتحضرين منهم
في الخرج ونعام والأفلاج – يذعنون بالطاعة للجبريين حتى يأمنوا على أنفسهم وأهلهم
وأموالهم وأملاكهم، وهو ما ربما كان عليه حال الشيخ رُدينة ساكن الرَّوقية، والذي
ربما وصل به الأمر إلى أن يطلب من الجبريين السماح له بالهجرة مع عشيرته إلى
بلادهم في القطيف والأحساء ليكون بمنأى عن ويلات هذه الحروب تحت ظلّ حكمهم، أو أنه
ربما هاجر من بلدته الرَّوقية في نجد بسبب القحط الشديد الذي وقع في نجد عامي 868، و869 للهجرة، والذي جلا على أثره خلائق
كثيرة من نجد إلى الأحساء كما ذكر البسام في حوادث هذين العامين.[78]
وأياً كان الأمر،
فالذي هو مرجّحٌ الآن هو أنّ ردينة قد رحل بعشيرته إلى ديار بني جبر في الأحساء
والقطيف، والتي كانت حينها مطمح الأعين لكلّ مجدبٍ من قبائل نجد، ولكن يبقى السؤال
المطروح هنا، وهو هل أنّ رُدينة هاجر من الروقية إلى القطيف مباشرة، أو أنه نزل
قبل ذلك في مواضع آخرى من ديار بني جبر قبل أن يستقرَّ هو أو أحفاده من بعده في
القطيف؟، والواقع هو أنني لا أخفي ميلي إلى الشق الثاني من السؤال ليكون هو الجواب،
فبنو جبر كما نعلم، وخصوصاً في تلك الحقبة التي هاجر ردينة فيها كان زعيمهم
الأعظم؛ بل سلطان القطيف والأحساء والبحرين، وعُمان – في وقتٍ ما – هو أجود بن
زامل الجبري الذائع الصيت جداً لدى أهل زمانه، وكان يهمّه نشر الأمن والأمان في
البلاد التي تقع تحت طائلة حكمه، فيبدو أنه عندما هاجر الشيخ رُدينة وعشيرته إليه
أسكنهم أولاً في الطفّ من وادي الستار المعروف الآن بـ(وادي المياه)،
فبالقرب من الونان من هذا الوادي يوجد حتى الآن ماءٌ يُعرف باسم (الرُّدَينيّة)؛[79] ربما يكون في تسميته بهذا
الاسم علاقة بالشيخ رُدينة التغلبي، أو عشيرته ردينة عموماً.
ولكن ربما فضّل الشيخ
رُدينة بعد ذلك بمدة النزول في واحة الأحساء التي كانت عاصمة مُلك أجود بن زامل،
ولا زال قصره معروفاً باسم (قصر أجود) بالقرب من المنيزلة من قراها الشرقية،
ولعله ليس من الصدفة أيضاً وجود بساتين نخلٍ غير بعيدة عن المنيزلة هذه تُسمّى (الرُّدَّيْنيّات)؛
تقع بالقرب من قرية الكَتيْب التاريخية التي ذكرها ابن المقرَّب في شعره، وتقوم
على أطلالها الآن بلدة المركز الأحسائية، ويبعد هذا الموضع عن قصر أجود أربعة
أميال فقط؛ في جنوبيه الشرقي، ومن الجائز أنّ رُدينة ربما سكن في هذا الموضع الذي
سُمّي بـ(الرُّديْنيّات) على اسمه أو اسم عشيرته أيضاً، ثم هاجر هو، أو
أولاده – وهو المرجح عندي – إلى القطيف، وإلى سيهات منها على التحديد؛ حيث استقرّت
عشيرته فيها، وأصبحوا بعد مدة من الزمان أهل الزعامة المحلية في القطيف بعد سقوط
دولة بني جبر ومجيء الدولة العثمانية بمدة.
الزَّعَامَةُ الأهــلية في الـقَـطِـيْفِ بَــــينَ
آلِ
مُقَلَّدْ البَكْرِيِّيْن، وآلِ رُدَيْنَةَ التَّغْلِبيّيْن
عند مجيء العشيرة
الرُّديْنيّة التغلبية الوائلية إلى القطيف – والتي لن أبعد عن الصّواب لو قلتُ
إنّ مجيئها كان في القرن العاشر الهجري – كانت الزعامة الأهلية في القطيف وقتها
لعشيرة آل مُقَلَّد الشيبانية البكرية، فكأنما شاءت الأقدار أن تلتقي قبيلتا بكرٍ
وتغلب مرّة أخرى على أرض القطيف، ولكن ليس بالسّيف هذه المرّة كما كان لقائهما في
حرب البسوس؛ بل كانت الحرب بينهما هذه المرّة حربَ مواجهة ناعمة على كرسيّ الزعامة
الأهلية في القطيف، والذي كان المقلّديون قد تسنموا ذروته منذ النصف الأول من
القرن التاسع الهجري؛ حيث قال ابنُ عنبة – المتوفى عام 828 للهجرة – عند حديثه عن
بني شيبان من بكر بن وائل:
"ويوجد من
بني شيبان جماعة في القطيف والبادية".[80]
وهو وإن لم يعيّن
البادية المقرونة بالقطيف إلا أنّ المراد بها – على ما يبدو – بادية القطيف، ولم
ينفرد ابن عنبة المتوفى عام 828 للهجرة بهذه المعلومة عن وجود بني شيبان في القطيف
في بداية القرن التاسع الهجري؛ بل يوجد نصٌّ آخر للمقريزي – المتوفى عام 845
للهجرة – يُعتبر أكثر تحديداً من نصّ ابن عنبة فيما يتعلق بشيبان القطيف، ففي
حديثه عن ولاية سلطان هرمز قطب الدين فيروز شاه بن محمد في سنة 801 للهجرة؛ عدّ من
ضمن مملكته: عُمان السّاحل، وجزيرة هرمز، وجزيرة البحرين، وجزيرة تاروت، ثم قال:
"ومَلَكَ القَطِيف،
وأهلُها من بني شيبان، وهم رافضة".[81]
فمن الواضح من هذا
النصّ أنّ بني شيبان القطيف هؤلاء كانوا من الزعماء المحليين الذين حاكم هرمز ينصبهم
كما جرت العادة مع من كان قبلهم منذ سقوط الدولة العُيونية، وهلمّ جرّاً؛ لأنّ قول
المقريزي: "وأهلها" يعني بذلك أهل الزعامة من أهلها لأننا كلنا
نعرف أنّ القطيف حينها كانت خليطاً من قبائل شتى كعبد القيس وعُقيل وشيبان وغيرها،
وتخصيص بني شيبان منهم يعني أنهم كانوا أهل زعامتها لأنّ الزّعماء هم الذين يُشار
إليهم دون بقية البطون والجماعات.
وبعد المقريزي نجدُ
نصاً صريحاً لراوي شعر أبي البحر جعفر بن محمد الخطّي المتوفى عام 1028 للهجرة
تحدث فيه عن هجرة من سمّاهم بـ(أعيان القطيف) منها عام 999 للهجرة، وذكر أنهم
كانوا تحت زعامة من وصفه بـ"شيخهم الأكبر"، وسمّاه: "عبد
الله بن ناصر بن حسين بن المقلّد"، وقال عنه إنه: "من بني وائل".[82]
فآل مقلد الوائليين
في ديوان الخطّي هم إذاً المشار إليهم بـ(بني شيبان) في نصّي ابن عنبة والمقريزي
المارّين بنا قبل قليل، وقد دامت زعامتهم الأهلية في القطيف من العام 801 للهجرة
تحت حكم سلاطين هرمز وسلاطين الجبريين، وسلاطين الدولة العثمانية حتى العام 999
للهجرة وقت رحيل عبد الله بن ناصر بن حسين آل مقلّد كما رأينا في ديوان الخطّي الذي
مدحهم ورثاهم وعاتبهم بأكثر من قصيدة تضمنها ديوانه.
وبذلك كان عبد الله
بن ناصر آل مقلد هو آخر زعماء آل المُقَلَّد الشيبانيين الوائليين في القطيف
لتنتقل الزعامة بعدهم إلى آل رُدينة التغلبيين الوائليين، وهو ما يتضح لنا بالجمع
بين ما ذكره راوية ديوان أبي البحر الخطّي عن رحيل الشيخ عبد الله بن ناصر آل
مُقلّد، وبين وثيقتين قطيفيّتين تتحدثان عن ضرر واحدٍ متكرر وقع على أهل سيهات؛
ألا وهو فرضُ ولاة الدولة العثمانية على القطيفيين - ومنهم السيهاتيون - ضريبةٍ مُبتدعةٍ
أسْمَوْها (خدمة أفواه ومياه)،[83] وكلا الوثيقتين تسجلان
حضور زعماء سيهات إلى ديوان السلطنة في القطيف طالبين رفع ضرر هذه البدعة عنهم،
وحجتهم في كلتي الوثيقتين واحدة، وهو أنّ سيهات كانت تتبع لواء الظهران وليس لواء
القطيف، وأنّ لواء الظهران وتوابعه ليس عليهم هذه الخدمة قانوناً، ولكنّ الذي
يهمني في هاتين الوثيقتين هو أنّ الشكوى الأولى في الوثيقة الأقدم، والتي كان
تاريخها عام 985 للهجرة ذكر في مقدمة أعيان سيهات الموقعين فيها: السيّد إبراهيم
بن السيد حسين، والشيخ عبد الله بن ناصر، والشيخ ماجد بن حسين، وحسين بن محمد بن
مُقلَّد،[84]
وأما الوثيقة الثانية التي كانت تاريخها عام 1040 للهجرة، فلم يُذكر فيها من أعيان
سيهات سوى زعيمٍ واحد فقط هو: الشيخ بيات فقط لا غير، والذي يتضح من الوثيقة أنه
كان شيخ سيهات الأوحد، والدابَّ عنها.[85]
والفترة الزمنية بين
الوثيقتين هي 55 عاماً فقط، ومع ذلك، فقد دلّت الوثيقتان على وجود تغير واضح في
الزعامات المحلية بحيث إنه في الوثيقة الأولى كان الأعيان السيهاتيون الذين رفعوا
شكوى التضرر عن أهل سيهات اثنان من بني مقلّد، واثنان من غيرهم أحدهما من السادة
العلويين؛[86]
في حين إننا نجد في الوثيقة الثانية بعد نصف قرن تقريباً أنّ الحال قد تغير، فأصبح
لسيهات زعيمٌ واحدٌ فقط يتكلم عنها قاطبة، ويطالب برفع الضرّ عنها، ويُستجاب
طلبه؟!، وهو الشيخ بيات.
وإنني عندما قلتُ إنّ
الوثيقة الأولى كان بها اثنان من أعيان آل مُقلّد، فالثاني منهما قد تمّ النصّ على
نسبه في الوثيقة ذاتها، وهو حسين بن محمد بن مقلّد، وأما الأول، فإنه حتى وإن لم
يتم النصّ على أنه من بني مقلّد في هذه الوثيقة، فهو كان علماً زعيماً في ذلك
الوقت لا يحتاج إلى التعربف به لأكثر من ذكر رتبته، واسمه، واسم أبيه، وأعني به "الشيخ
عبد الله بن ناصر" كما ورد في الوثيقة، فهو الشيخ عبد الله بن ناصر[87] بن حسين آل مقلد؛ زعيم آل
مقلّد الأخير في القطيف، أو شيخهم الأكبر بحسب وصف راوي ديوان الخطّي، والذي بعد
أربعة عشر عاماً من كتابة هذه الشكوى، وبالتحديد في العام 999 للهجرة سوف يحصل له
أمرٌ خطيرٌ سيجبره على مغادرة القطيف إلى جزيرة أوال؛ ليموت فيها، فما هو هذا
الأمر الفظيع الذي أجبر شيخ المُقَلَّدِيّيْن على ترك بلده وزعامته في القطيف
ليموت في خارج بلده؛ مضحّياً بزعامة أسرته، وأمواله وأملاكه وبساتينه يا ترى؟!.
لكي يتضح لنا هذا
الأمر، فإنني سوف أدرج أولاً مقدمة قصيدة الخطّيّ التي قالها في رثاء هذا العلم،
وهي كما يلي:
"واتفق خروج
أعيان القطيف منها لأمرٍ، وسكنوا البحرين للسنة التاسعة والتسعين والتسعمائة،
وبقوا مدة توفي فيها شيخهم الأكبر أبو علي؛ عبد الله بن ناصر بن حسين بن المقلّد؛
من بني وائل للسنة الحادية بعد الألف، ودُفن في جبانة أبي عنبرة، فقال يرثيه،
وأنشدها بتاسع موته".[88]
فمن الواضح في النصّ
أنّ هذا الزعيم المقلّدي لم يرجع إلى بلده، ومات غريباً عنها في جزيرة أوال، ومن
البدهيات لدى من تصفح التاريخ، وسبر أغواره أنّ الزعماء المتناسلين من بيت رئاسة
أو زعامة قديمٍ لا يتنازلون عن زعامتهم بسهولة إلا إذا أخيفوا، أو أزيحوا من قبل من
هو أقوى منهم، وأرى أنّ هذا هو السبب الذي كان وراء خروج الشيخ عبد الله بن ناصر
آل مقلد ومن معه من أعيان أسرته من القطيف إلى أوال، وهو حصول غضبٍ شديدٍ عليه من
قبل السلطة العثمانية في القطيف والأحساء، أو بسبب رغبة عارمة لدى هذه السلطة في
استبداله وأسرته بأسرة زعيم آخر بدأ نجمه في الظهور، ورأت هذه السلطة أنه أكثر
قدرة على تلبية مطالبهم، وهذه المطالب عادة ما تكون متعلقة بالأموال الوفيرة التي
كانت هذه السلطة تطلبها حينها من أي زعيمٍ محلّي؛ بل كان تنصيب أي زعيم من قبل هذه
السلطة للزعامة المحلية مرتبط بتوفيره لها الأموال التي تطلبها منه وفق مصطلح (من
يدفع أكثر)، فيبدو أنّ هذه السلطة قد طالبت آخر زعماء آل مُقلَّد بزيادة
الأموال التي كان يدفعها لها؛ إلا أنه لم يقبل، أو لم يستطع توفيرها لها، فكانت تلك
فاقرة الظهر له، فبدأت بإعداد العدة للتنكيل به، ويبدو أنه عرف ذلك،[89] فهرب بنفسه وأهله ومن يعز
عليه بما خفّ وزنه من أمواله وغلا ثمنه إلى جزيرة أوال.
في هذه الأثناء كان
لا بد للسلطة من زعيم محلّي آخر ذي جاه ومال كثير يضمن لهم توفير ما طلبته من
أموال، وقد رأينا في الوثيقة الثانية كيف أنّ الزعيم الأوحد لسيهات عام 1040هـ –
وربما القطيف أيضاً حينها – أي بعد 41 سنة من رحيل زعيم آل مقلد منها هو الشيخ
بيات بن عبد الله الرُّدَيني، ويبدو من الصعب القبول بأنه هو أوّل زعيم من الأسرة
الرّدينية وجدتْ فيه السلطة رَجُلَها ليكون الزعيم المحلي في القطيف بعد رحيل
الشيخ عبد الله بن ناصر آل مقلّد منها، ويبدو أن المنطقي في التحليل التاريخي هو
أنّ ذلك الرَّجُل الذي وجدت فيه السلطة ما تتمناه هو والد الشيخ بيات هذا، وهو عبد
الله بن حمد الرُّدينيّ وعشيرته آل رُديْنة، والذي لا أخفي شعوري بأنه ربما كان له
ولعشيرته دورٌ ما في إزاحة آل مُقلّد عن كرسيّ الزعامة الأهلية في القطيف، وجلوسه
هو وأسرته على هذا الكرسيّ؟.
ولا يُستبعدُ هذا
الأمر؛ بل هو المألوف في عالم السياسة والصّراع على الزعامة منذ كان التاريخ؛ وقد
كانت الدنيا في القطيف لمن غلب حينها، وكان مما يساعد على ذلك تلك السياسة المقيتة
التي انتهجها الولاة العثمانيون في القطيف منذ احتلالهم لها عام 957 للهجرة، وهي السياسة
القائمة على سلبِ ذوي الجاه والأملاك والزعامة من القطيفيين وقتلهم أو تشريدهم، ثم
قيامهم بعد ذلك بتطبيق سياسة الإقطاع والاستبداد ضد الرعايا القطيفيين، ومن ذلك ما
فعلوه في أسرة الزعيمين خميس وجمعة آل رحّال، واللذين كانا من كبار تجار القطيف،
وأمراء تجارة اللؤلؤ فيها حينها، فتم الاستيلاء على كل أموالهم، وأملاكهم في
القطيف، وكاد يفضي الأمر إلى قتلهما لولا أن فرّا إلى جزيرة أوال أيضاً خوفاً على
نفسيهما؛ حيث توفي فيها جمعة بعد 13 سنة من خروجه، وبقي أخوه خميس فيها، وهو يراسل
ديوان الخلافة العثمانية محاولاً استرجاع أملاكهم تلك لأكثر من ثلاث سنوات من موت
أخيه كما هو موثّقٌ في صفحات دفاتر المهمة في الإرشيف العثماني، ومنها الصفحة: 379
من (دفتر المهمة 3) بتاريخ 22/8/967هـ، والصفحة: 79 من (دفتر المهمة 19) بتاريخ
22/8/980هـ، والصفحة 117 من (دفتر المهمة 27) بتاريخ 22/8/980هـ.[90]
ومن الأمور
الاستبدادية الشنيعة التي فعلها ولاة العثمانيين في أهالي القطيف هو أنّهم قاموا
في العِقد السابع من القرن العاشر الهجري بإعطاء كامل الواحة والواحات التابعة لها
لطائفة من القُوْلْ – أي العسكر – والعزب ومستحفظي قلعة القطيف العثمانيين مقابل
13 يوك آقجة يدفعونها لخزينة الدولة كل سنة، واليوك يساوي مائة ألف آقجة، فيكون
المبلغ المطلوب منهم للدولة سنوياً مليون وثلاثمائة ألف آقجة، فكان هؤلاء العسكر
ومن معهم من القساوة بحيث إنهم كانوا يجمعون من أهالي القطيف أضعاف هذا المبلغ
سنوياً ليعطوا الدولة ما تعهدوا لها به، ويحتفظوا بالباقي لأنفسهم، وكانوا لا
يرحمون الأهالي أبداً عند جمعهم لهذه الأموال حتى عندما هجمت قبائل بني خالد على
القطيف عام 967 للهجرة، ونهبوا محاصيل القطيف وقت حصادها بحيث لم يبق للأهالي منها
شيءٌ يستفيدون منه؛ لم يرحمهم أولئك العسكر، ولم يُعْفُوْهُم من دفع ما عليهم من جُبَىً
وضَرائب مستخدمين القوّة والتعسّف مما حدا بأهالي القطيف إلى رفع شكاوى تظلّم إلى
بكلربكي الأحساء التي كانت القطيف تابعة له يتظلمون فيها من هذا الأمر، وعندها اضطر
هذا البكلربكي إلى رفع شكواهم إلى ديوان الخلافة ليحكم في ذلك، وبالكاد جاء الردُّ
بأن لا يَتَعرَّض العمال للرعايا بمطالبتهم بالضرائب إذا لم يتمكنوا من جني
محصولهم.[91]
إنّ مثل هذه الشكاوى
المتكررة من الأهالي هي التي ألجأت متولي القطيف من الولاة العثمانيين إلى ما سبق
وأشرت إليه من إيجاد زعامة محلية من سكان القطيف ذاتها ليكونوا هم الذين يقومون
بتحصيل الضرائب من الأهالي نيابة عنهم مقابل امتيازات إدارية ومالية تكون لهذه
الزعامات أيضاً، وهو ما يُعرف بـ(إقطاع الإقطاع)، أو (Subinfeudation)، وميزة هذا النوع من الإقطاع هو أنّ عمال الدولة ومتصرّفيها
العثمانيين لن يشغلوا بالهم بعد الآن بالقيام بأنفسهم بجمع ما للدولة وما لهم من
ضرائب ورسوم وجبايات؛ بل سيوكل أمرُ ذلك إلى زعامات محلية تقوم به، وتُحَصِّلْ لهم
هذه الإيرادات وهم وادعون هانئون في قصورهم، وبعيدين كل البُعد عن تبعات أي خطأ
يحدث من جراء ذلك، وبطبيعة الحال، فإنّ تلك الزعامات المحلية المختارة لن تقبل هي
الأخرى أن تعمل بالمجّان، فستطالب بأن يكون لها هي أيضاً نصيبٌ من الكعكة، ولكن
عندما تقصّر هذه الزعامات المحلية في عملها بحسب نظر المتولي على البلد، أو لا
تلبّي مطالبه التي لا تنتهي للأموال، أو إذا تم رفع شكوى تظلّم من قبل الأهالي إلى
ديوان السلطنة العُليا حول الظلم الذي ينالهم من أخذ الجبايات والضرائب، ويحصل أن يصدر
حكمٌ فيه شيء من الغضب من قبل ديوان السلطنة العُليا تجاه ذلك، فإنّ تلك الزعامات
المحلية ستكون كبش الفِداء حينها، وسيتم إيقاع أقسى العقوبات عليها.
وهذا أو بعضه هو ما
أرى أنه حصل لآل مُقلَّد البكريين كما سبق وقلتُ، وهو ما أفسح المجال لآل ردينة
التغلبيين، ولزعيمهم عبد الله بن حمد بن قاسم بن عبد الله بن ردينة لكي يتسنّم
كرسيّ الزعامة الأهليّة الذي أخلاه آل مقلّد، أو أخليَ منهم، وفي عالم السياسة
والملك كما سبق وقلت، فإنه لا يوجد أي غرابة أو غضاضة فيما لو كان هذا الزعيم
الرُّديني الجديد كان قد عرض هو وأسرته على متولي القطيف من العثمانيين أموالاً
أكثر مما كان يجمعه لهم آل المُقلَّد مقابل إحلالهم محلّهم،[92] فلا شيء كان يُسيل لُعَابَ
هؤلاء المتولّين أكثر من مضاعفة ما كان يأتيهم من أموال.
ومع ذلك، فإنّ هذه
الأسر ذات الزعامة الأهلية في القطيف؛ كآل مُقَلَّد، وآل رُدَيْنة كانت منذ احتلال
العثمانيين للقطيف في النصف الثاني من القرن العاشر الهجري أشبه بحلقة الوصل بين متولّي
الدولة العثمانية فيها، وبين الأهالي ليس فقط في جمع أموال الدولة العثمانية
وجُباها؛ بل وكانت لهذه الأسر أيضاً بعض جوانب الخير والمصلحة لبني بلدهم، فقد
كانوا بمثابة الواسطة بين الأهالي ومتولّي شئون هذه الدولة في رعاية أمور طائفتهم
الشيعية المتعلقة بشئون المذهب مثلاً، والترافع عنهم لدى الوالي فيما ينوبهم من
مظالم من بعض المتصرّفين الذين يقومون بأعمال ظلمٍ لهم دون علم الوالي وما شابه
ذلك.
وهكذا أصبح آل رُدينة
هم الزعماء المحلّيُّون الجُدد في القطيف بعد آل مُقلَّد مع مشارف حلول الألفيّة
الهِجْرية، والأرجح أنّ هذا الأمر كان عام 999 للهجرة، وهو وقتُ رحيل آخر زعماء
المقلديين البكريين ليصبح زعيم الرّدينيين التغلبيين؛ عبدُالله بن حمد بن قاسم بن
عبد الله بن ردينة هو الزعيم القطيفي الجديد، ومنذ ذلك الحين انحصرت الزعامة
المحلية في القطيف في أسرة هذا الرجل في سيهات وحاضرة القطيف.
وكان لعبد الله هذا
ولدان هما بَيَاْتٌ وحَمَد، والأرجح أنّ الزعامة بعده آلت لابنه الشيخ بيات، وهو
ما يفسّر كون الشيخ بيات هذا كان الزعيم الأوحد المذكور في الوثيقة التي كُتبت عام
1040هـ عن تظلم أهالي سيهات، ومن بيات وحمد ابني عبد الله بن حمد بن قاسم هذين
انحدرتْ الأسر القطيفية التي سوف أتحدث الآن عن أنسابها المتصلة بجدهم الأعلى
رُدينة معتمداً في جُلّ ذلك على بضع وثائق قطيفية للأجداد الأوائل لهذه الأسر،
ومنها وثيقة محمد بن ضيف الله آل نصر الله التي ذكرتها أكثر من مرّة في هذا البحث،
ولها فضلٌ كبير في حفظ سلسلة النسب الكاملة لهذه الأسر إلى رُدينة، والوثيقة
الأخرى المتعلقة بأوقاف آل حمد وآل بيات ابني عبد الله المؤرخة عام 1189هـ، وهي
التي لها فضلٌ كبيرٌ في تعريفنا بنسب الأسر القطيفية التي تنحدر من هذا الجدّ القادم
من نجد؛ هذا بالإضافة إلى بعض الوثائق الأخرى التي سأذكرها عند التوثيق لما أنقله
منها، وسيجد القارئ عموماً صوراً منها في آخر هذا البحث.
الأسر الرُّدينيّة في القطيف
القسم الأول من عشيرة رُدَيْنة
آل بَيَاْت
بن عبد الله بن حمد بن قاسم بن عبد الله بن ردينة [93]
وبيات هو الجدُّ
الأعلى لآل محمد بن محمد بن بيات، وآل أبي السعود بن محمد بن بيات بفروعهم التي
سيأتي رفع نسبها إلى بيات فيما يلي من البحث.
وكان بياتٌ هذا على
قيد الحياة في العام 1040 للهجرة كما مرّ بنا في الوثيقة التي تتحدث عن إعفاء
سيهات من الضريبة المبتدعة باسم (خدمة الأفواه والمياه)، والتي قلتُ إنها تدلُّ
على زعامة مطلقة كانت له في سيهات لأنّه ذُكر في الوثيقة باسم (الشيخ بيات)؛
كما ذُكر فيها أنه تقدم إلى ديوان السلطنة العثمانية مدافعاً عن أهل سيهات بعد أن
فرض عليهم المتولي لبلدتهم من رجال الدولة العثمانية تلك الضريبة الجائرة، وقد
قوبل طلبه بالموافقة والتقدير؛[94] مما يدلُّ على عُلوِّ شأنه
ومكانته حينها.
وانحصر نسل بيات في
ولده محمد فقط؛ ألذي أنجب ولدين هما أبو السعود (الأكبر) بن محمد بن بيات، ومحمد
بن محمد بن بيات، والأول هو الجدُّ الأعلى لآل أبي السعود بفروعهم، والثاني هو
الجد الأعلى لآل محمد بن محمد وفروعهم، وهم الذين انحصر فيهم مُسمّى آل بيات في
حين استغنى آل ابي السعود باسم جدهم هذا.
الفرع الأول من القسم الأول
آل أبيْ السُّعُوْد (الأكبر) بن محمد بن بيات
وهم الفرع الأكبر من
آل بيات، وأبو السعود هو اسمه، وهم من سكان حاضرة القطيف وقد أنجب أبو السعود هذا ولداً وحيداً؛ هو عزَّ
الدّين بن أبي السعود.
آل عز الدين بن أبي السُّعود (الأكبر) بن محمد بن
بيات
وكان هذا الرجل؛ أعني عزَّ الدين بن أبي السعود (الأكبر) ذا غنىً وثروةٍ وأملاكٍ كثيرة جداً في واحتي القطيف والأحساء؛ كما تثبت الوثائق الكثيرة المتداولة باسمه، وذلك راجع - وفق رأيي - إلى أنه كان الوارث الوحيد لأبيه أبي السعود (الأكبر)؛ كما أرى أنه كان كما كان أبوه حاكماً محليّاً للقطيف إبان سيطرة بني خالد عليها بعد طردهم للعثمانيين منها ومن الأحساء، وعلى الخصوص في فترة سلطة محمد بن غرير آل حميد، ولأن بني خالد كانوا بُداة جُلّهم، فقد كانوا لا يفضلون السكن وسط بساتين النخل في الواحتين؛ كما إنهم كانوا يفضلون العيش في البرّ المحيط بالواحتين عند مصادر المياه التي لا تنقطع في هذا البر أغلب أيام السنة، وكانوا يتركون إدارة الواحتين إلى الأكفاء من أبنائهما، ولم يكن يعنيهم إلا ان تصل إليهم وارداتهم من الواحتين غير منقوصة، وما يجعلني أرجح أنّ عزّ الدين وأباه أبو السعود كانا حاكمين للقطيف باسم بني خالد هو ما تدلُّ عليه هذه الأوصاف التي كانت تُطلق عليه وعلى أبيه في وثائقه ووثائق أولاده وبناته الكثيرة؛ كمثل جُمَل: "ذو الأصل الأصيل والمجد الأثيل"، و"الشيخ الفردوسي"، و"المبرور خدين الولدان والحور"؛ بالإضافة إلى إطلاق لقب "الشيخ" أمام اسميهما دائماً، وهو لقب كان يُطلق على أحد رجلين في القطيف والأحساء حينها؛ رجل دين، أو رجل زعامة.
غير أنّه يبدوأن العلاقة بين عز الدين وبين زعيم بني خالد في وقته - وهو سعدون بن محمد آل حميد الخالدي الذي ملك بعد أبيه، والمتوفى عام 1135هـ - قد ساءت لأمر لا نعرفه، فجرى عليه، وعلى ثرواته وأمواله وأملاكه الكثيرة ويلات ونكبات ومصادرات من قبل هذا الزعيم الخالدي حينها، ويبدو أنه تم سلب كثير من أملاكه الكثيرة من قبل هذا الزعيم الخالدي، فكان أنْ لجأ إلى حيلتين ذكيّتين لحفظ ما
تبقّى منها، وهو ما تثبته بعض الوثائق الخاصّة به عن أعمال تصَدُّقٍ أو بيعٍ وهميين أجراها لرجال من معارفه الذين يثق بهم، فكان يتظاهر في هذه الوثائق بأنه قد تصدق
على بعضهم أو باع بعضهم بساتين كثيرة له في واحتي القطيف والأحساء، وفي ذات
الوثيقة يُذكر قيام الرجل المتصَدَّق عليه بعد انتهاء صيغة التصدّق بوقف كل ما
تصدَّق به عليه عزُّ الدين بن أبي السعود على عزّ الدين وأولاده وبناته لأنّ الأوقاف كان لها احترامٌ واضح حينها، وتورع من قبل الزعماء عن سلبها، ولدي صورتان من وثائق التصدّق هذه لعز الدين كان المتصدَّق عليه فيهما شخصٌ واحد؛ اسمه : موسى بن حسن آل دارين، وقد كُتبتا في وقت واحد، وهو العاشر من ذي
القعدة لعام 1119هـ، وبعد إجراء صيغة التصدق من قبل عز الدين عليه؛ أوقف هذا المتصدَّق عليه في إحداهما كل البساتين التي تصدَّق بها عز الدين؛ على عز الدين حال حياته، ثم على أولاده الذكور بعد وفاته، وأوقف بساتين الوثيقة الثانية على عزّ الدين في حياته أيضاً، ثم على بناته الإناث بعد وفاته؛ كما توجد صورة وثيقة بيع صُوَرِيّة باع فيها عزُّ الدين بعضَ أملاكه
في القطيف والأحساء على أحد معارفه من آل عفالق من سكنة المبرَّز بالأحساء، وبالمقابل
كتب له هذا الصديق ورقة موقَّعة منه يعترف فيها بأنّ كلَّ ما باعه إياه عز الدين
هو لعزّ الدين وأنه ليس له فيه أي حق أو مستحق، وأنّهما إنما قاما بهذه المبايعة
الصورية لحفظ بساتين أبي السعود من زعيمٍ من بني خالد[95] كان متسلطاً حينها، فقاما
بعمل هذه المبايعة الصورية لحفظ أملاك عز الدين.
ويبضح من خلال هذه الوثائق
الكثيرة لعز الدين أنه أنجب من الأولاد ذكرين؛ هما: أبو القاسم، وعبد الله، ومن البنات:
روضة، وفاطمة، وستوت، وصدوف، وشمسة،[96] فأما عبد الله فقد أنجب
حسين الذي أنجب عبدَ الله، وأما أبو القاسم، فهو جَدُّ.
آل أبي القاسم بن عز الدين بن أبي السعود (الأكبر)
بن محمد بن بيات
أنجب أبو القاسم بن
عزّ الدين ولدين؛ هما: مُهَنَّا بن أبي القاسم، وأبو السعود (الأصغر) بن أبي
القاسم، فمُهَنَّا هو الجد الأعلى لآل مُهَنَّا من آل أبي السعود، وأما أبو السعود
(الأصغر) بن أبي القاسم، فهو جدُّ:
آل أبي السعود (الأصغر) بن أبي القاسم بن عز الدين
بن أبي السعود (الأكبر) بن محمد بن بيات
أنجب أبو السعود
(الأصغر) ثلاثة أولاد، وهم: محمد بن أبي السعود، وعلي بن أبي السعود، ومن نسله: علي - المعروف بالزعيم - بن حسن بن علي بن
عبد الله بن محمد علي بن شيخ حسن بن شيخ علي بن ابي السعود (الأصغر) بن ابي القاسم
بن عز الدين بن ابي السعود (الأكبر) بن محمد بن بيات، والولد
الآخر لأبي السعود (الأصغر) هو نصر الله (الأكبر)؛ الجَدُّ الأعلى لـ:
آل نصر الله (الأكبر) بن ابي السعود (الأصغر) بن
أبي القاسم بن عز الدين بن أبي السعود (الأكبر) بن محمد بن بيات
ومن هذا الفرع: الشيخ
ناصر بن أحمد بن محمد بن نصر الله (الأكبر) بن أبي السعود بن أبي القاسم بن عز
الدين بن أبي السعود بن محمد بن بيات؛ المتوفى عام 1299، وهو الذي رثاه الشاعر
القطيفي الشيخ أحمد بن الشيخ عبد الحسن آل رقيه بقصيدة قال في آخرها مؤرخاً تاريخ
وفاته:
لما قضى نادى مؤرّخه |
|
|
|
(تبكي المدارس فقد ناصرها) |
|
ومن وجهاء هذا الفرع
أيضاً: محمد بن ضيف الله بن علي بن محمد بن نصر الله (الأكبر) بن أبي السعود
(الأصغر) بن أبي القاسم بن عزّ الدين بن أبي السعود (الأكبر) بن محمد بن بيات، وهو
كاتب نسخة (شرح القطر) التي دون فيها نسبه بخط يده في آخرها، ونقله عنه
المؤرخ النجدي ابن عيسى كما تقدم شرحه.
ومن وجهاء هذا الفرع
ومشهوريه: الشاعر الزعيم أحمد بن مهدي بن أحمد بن محمد بن نصر الله (الأكبر) بن
أبي السعود (الأصغر) بن أبي القاسم بن عزّ الدين بن أبي السعود (الأكبر) بن محمد
بن بيات؛ صاحب الديوان الكبير، وزعيم القطيف الأوحد في وقته.
ومن وجهاء هذا الفرع
الثاني من آل نصر الله أيضاً: عضو مجلس الشورى؛ الأديب الأستاذ محمد رضا بن منصور
بن حسن بن نصر الله (الأصغر) بن مهدي بن أحمد بن محمد بن نصر الله (الأكبر) بن أبي
السعود (الأصغر) بن أبي القاسم بن عزّ الدين بن أبي السعود (الأكبر) بن محمد بن
بيات.
الفرع الثاني من القسم الأول
آل مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بيات
وفي ذريّته انحصر
اسمُ (آل بيات) الآن في حاضرة القطيف، وقد ذكرتْ وثيقة أوقاف حمد وبيات
المدوّنة عام 1189 للهجرة؛[97] أنَّ الأوقاف التي في أيدي
آل محمد بن محمد هؤلاء حُكْمُها حكمُ النخيل الوقف التي في أيدي بني عمّهم حمد من
أهل سيهات، وهم: آل عبد الرحيم وآل عبد النبي، وحكمها أيضاً حكمُ النخيل الوقف
التي في أيدي بني عمهم الأدنين، وهم آل أبي السعود بن محمد بن بيات مما يعني توازي
هذه الأسر الأربع من آل حمد وآل بيات في الميراث.
وقد أنجب محمد بن
محمد بن بيات ولدين؛ هما سعود، وإبراهيم، ومن نسل إبراهيم هذا:
عبد الله بن علي بن
حسين بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن بيات المعروف بـ(ناجي)، وهو جدُّ آل ناجي.[98]
وعبد العزيز بن محمد
بن عبد العزيز بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن بيات المذكور هو وأبوه في الوثيقة
الخاصة بذكر أوقاف الأخوين بيات وحمد؛ المدوّنة عام 1189هـ.
وعمّه عبد الله بن
عبد العزيز بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن بيات الوارد اسمه كشاهد في وقفية بنات
عز الدين بن أبو السعود (الأكبر) بن محمد بن بيات المدوّنة عام 1119هـ.
والشيخ منصور بن عبد
الله بن عبد العزيز بن محمد بن علي بن حسين بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن بيات؛ [99] كان أحد كبار رجال الدين
في القطيف في وقتنا.[100]
القسم الثاني من عشيرة رُدينة
آل حَمَد بن عبد الله بن حمد بن قاسم بن عبد الله
بن رُدَيْنَة[101]
وهو أخو بيات
المتقدم، ونسل حمد جُلُّهم في سيهات القطيف، وأنجبَ حَمَدُ هذا أربعة أولاد ذكور؛
هم: حسن، وناصر، وقاسم، وخميس، فأما حسن وناصر، فلم ينجبا، وأما قاسم، فهو والد
عبد النبيّ الجدُّ الأعلى لآل عبد النبي في سيهات، وأما خميس، فهو والد عبد الرحيم
(الأكبر)؛ الجدّ الأعلى لآل عبد الرحيم في سيهات، أيضاً.
الفرع الأول من القسم الثاني
آ ل عَبْدِ النَّبيّ بن قاسم بن حَمَد
كان لعبد النبي هذا
ذرية في سيهات يُعرفون بـ(آل عبد النَّبي)،[102] حتى العام 1189 للهجرة،
وهو وقت تدوين الوثيقة الخاصة بأوقاف جدهم حمد وأخيه بيات التي تكررت الإشارة
إليها كثيراً في هذا البحث، ولا بد أن يكون لهم عوائل لا زالت معروفة حتى الآن،
ولكنني لا أملك من الوثائق والمصادر حتى كتابة هذا البحث ما يمكنني من التعرّف
عليهم، وذكرهم كغيرهم من أسر بني عمومتهم، وأرجو أن يتاح لي بعض وثائقهم في قادم
الأيام لأوفي أسر هذا الفرع حقه.
الفرع الثاني من القسم الثاني
آل عَبْدِ الرَّحِيْم (الأكبر) بن خميس بن حَمَد
ولهذا الجدّ ذريةٌ
كبيرة في سيهات، وقد خلَّف أربعة أولاد؛ هم: علي وحجّي وبدر وإبراهيم، فأما بدرٌ
وإبراهيم، فلم ينجبا، وأما علي، فأنجب أربعة أولاد، وهم: عبد الرحيم، ومسلماً،
وخميساً وحسناً، وأما حجّي، فهو جدُّ:
آل حجّي بن عبد الرحيم (الأكبر) بن خميس بن حمد
وهم فرعٌ من آل عبد
الرّحيم؛ كان منهم:
علي بن عبد الرحيم
(الأصغر) بن علي بن حجي بن عبد الرحيم (الأكبر) بن خميس بن حمد الذي كان والي
سيهات في زمن الإمام فيصل بن تركي في منتصف القرن الثالث الهجري.
ومنصور بن علي بن عبد
الرحيم (الأصغر) بن علي بن حجّي بن عبد الرحيم (الأكبر) بن خميس بن حمد؛ ناسخ ذو
خطّ جميل، وهو كاتب النسخة الأصلية لديوان ابن عمّه الزعيم أحمد بن مهدي آل نصر
الله في أربعة أجزاء، وهي النسخة التي تحتفظ بها مكتبة قاضي القطيف السابق؛ الشيخ
عبد الحميد الخطي.[103]
ومن آل حجي أيضاً:
آل نصر بن علي بن عبد الرحيم بن علي بن حجّي بن عبد
الرحيم بن خميس بن حمد
وهم فرعٌ من آل حجّي،
ثمَّ من آل عبد الرحيم، ثم من آل حمد في سيهات، وآل نصر أسرة سيهاتية معروفة؛ منهم:
الخطيب الشاعر الشعبي
عبد المحسن بن محمد بن نصر بن علي بن عبد الرحيم (الأصغر) بن علي بن حجّي بن عبد
الرحيم (الأكبر) بن خميس بن حمد؛ الذي استعنت بسلسلة نسبه التي كتبها بيده في هذا
البحث، وإن كان قد رفع نسبه فيها إلى بيات بن عبد الله، وهو خطأ لأن آل نصر من نسل حمد بن عبد الله شقيق بيات.
وابن عمه عبد الله بن
حسين بن نصر عمدة سيهات السابق، وابن عمدتها، وهو جدُّ الدكتور نظمي بن عبد النبي بن
عبد الله بن حسين بن نصر؛ الذي كان الرئيس التنفيذي للشؤون الإدارية والمالية في جامعة
الملك عبد الله للعلوم والتقنية، ثم أصبح الرئيس التنفيذي لمشروع مدينة نيوم الآن،
وعضواً في الهيئة الاستشارية في المجلس الاقتصادي الأعلى السعودي، وعضواً في مجلس الأمناء
لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.
إلى هنا أصل إلى
نهاية هذا البحث عن عشيرة ردينة القطيفية التي هاجر جدُّها الأعلى من نجد ليستقرّ
أولاده وأحفاده في القطيف وليكونوا أهل زعامتها منذ بداية القرن الحادي عشر
الهجري، وهلمّ جرَّاً حتى قيام الدول السعودية الثلاث، وهو بحثٌ بكرٌ لا زال قابلاً
للزيادة والحذف والتعديل والتصحيح بانتظار بعض الوثائق ومشجرات النسب الخاصة بهذه
الأسر الكريمة، والتي وعدني بها بعض أفرادها، فحتى ذلك الحين يكون لي حديثٌ آخر
بإذن الله.
القطيف 6 صفر 1442هـ
الموافق: 23 سبتمبر 2020م.
* هذا البحث مُهدى إلى روح المرحوم أبي باسم أحمد بن الزعيم علي بن حسن بن علي بن عبد الله بن محمد علي بن حسن بن علي بن ابي السعود (الأصغر) بن ابي القاسم بن عز الدين بن ابي السعود (الأكبر) بن محمد بن بيات بن عبد الله بن حمد بن قاسم بن عبد الله بن ردينة؛ الرجل الأديب الكريم الذي طالما أحرجني وهو يعرفني إلى ضيوفه في بيته المضياف بأسلوب من المدح والودّ كنت أخجل منه لما يسبغه علي من صفات لا أستحقها، ولكن هكذا كان أبو باسم كريماً مضيافاً في كل صفاته، وكنت قد لمستُ منه في آخر حياته شيئاً من رغبة في أن أكتب بحثاً عن عشيرته وأسرها؛ إلا أنّ حياءَه وأجلَه لم يمكناه من الإفصاح بذلك لي، والآن، وبعد مرور عامين ونيّف على وفاته؛ أرجو أن يكون في هذا البحث تحقيقاً أو بعض تحقيق لرغبته تلك، فهومن الرجال الذين لا ينساهم من عاشرهم؛ رحمة الله عليه.
[1] أنشدني كثير من أهالي سيهات هذا البيت؛ بعضهم بهذه الصيغة، وبعضهم يقول: "قومي بني ارديني"، وبعضهم ينشده: "اعيال أبو اردينة"، وباقي البيت كما هو تقريباً.
[2] عبد المحسن محمد النصر: من وحي الحياة (الطبعة الأولى 2015م)؛ الصفحة: 172.
[3] عدنان السيد محمد العوامي: زعيم في ذاكرة الوطن (بيروت: دار الانتشار العربي 2010م)؛ الصفحة 111.
[4] وهو صاحب كتابي (عقد الدرر في تاريخ نجد) و(تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد).
[5] يقول عبد الله بن عبد الرحمن البسّام في ترجمته الطبعة الثانية من كتابه (علماء نجد خلال ثمانية قرون): "كان له مجاميع كثيرة تقع بأحجام صغيرة يفيد فيها ما يراه أو يسمعه أو يقرأه من الفوائد في التاريخ والأنساب والآداب والعلوم، وأغلب نقله في النسب والتاريخ، وهذه المجاميع مفرقة عند الناس".
[6] يعني كتاب (شرح قطر الندى) لابن هشام الأنصاري.
[7] انظر صورة منها في آخر البحث، ويجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ الضمير في قوله: "من أهل بلدة في نجد يُقال لها: الرَّوقية" يعود إلى جده الأعلى الذي سمّاه "الرُّديني"، وفي وثيقة أخرى سُمّي رُدينة كما سنرى، ولا يعود الضمير على محمد بن ضيف كما اشتبه على بعض الباحثين، فظنّ أن المعني هو محمد بن ضيف، فظنه نجدياً، والصحيح أنّ محمد بن ضيف من سكان القطيف، وأبوه كذلك، وتوجد وثيقة ورد فيها ذكر أبيه كشاهد في عملية بيع في القطيف حصلت عام 1284هـ، وسأذكرها فيما بعد.
[8] وتكمن أهمية هذه الوثيقة التي نقلها ابن عيسى في أنه كان في أول عهده كاتباً للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مانع؛ الذي كان قاضياً لمدينة القطيف في الفترة الأولى لحكم الإمام فيصل بن تركي، ولما توفي الشيخ عبد الرحمن؛ تزوج الشيخ ابن عيسى امرأته، وآلت إليه كتبه وكل ما خلَّف، لأنه لم يعقب، وكان الشيخ عبد الرحمن ذا عناية بالتاريخ والأنساب. (مجلة العرب السعودية فى: ج، 8، س 7، صفر 1393ه، ص 636).
فيبدو أنّ كتاب شرح قطر الندى المتقدّم، والمكتوب بخط محمد بن ضيف الله آل أبي السعود – الذي ذكر في آخره سلسلة نسبه ونسب أسرته – كان من الكتب التي آلت للقاضي الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن مانع، ثم آل إلى الشيخ ابن عيسى بعد وفاة القاضي ابن مانع، وزواج الشيخ ابن عيسى بامرأته.
وتوجد وثيقة بيع قطيفية – احتفظ بصورة منها - كُتبت تحت إشراف القاضي عبد الرحمن المانع عام 1248هـ، وكاتب الوثيقة هو علي بن راشد بن جريس صاحب كتاب (مثير الوجد في أنساب ملوك نجد)، وكان من شهود هذه الوثيقة والدُ كاتب هذا الإنهاء على شرح القطر، وهو ضيف الله بن علي بن محمد بن نصر الله.
وأما قوله عن وادي ونعام: "ورسمه في كتب التاريخ: وادي منيع"، فلم يُعرف هذا الوادي باسم (وادي منيع) كما ورد في التعليق على وثيقة ابن عيسى، وهو خطأ سببه الفهمُ السَّقيم لعبارة وردت في كتاب (مسالك الأبصار) لابن فضل الله العُمَريّ قال فيها عن العُقفان والبرجان من عرب الخرج بنجد:
"ومن بلادهم: البريك والنّعام، وهما قريتان في وادٍ منيع إذا حُصِّنَ مدخَلُه بسور كان أمنع بلاد الله". (أحمد بن يحيى بن فضل الله القرشي العدوي العُمري: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار؛ أبو ظبي: المجمع الثقافي 1423هـ؛ ج4: 352)
فنقل كلامه هذا السويدي في كتابه (سبائك الذهب)، فكُتبت الجملة الأخيرة منه هكذا:
"وهما قريتان في وادي منيع" (محمد أمين السويدي البغدادي: سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب؛ بيروت: دار إحياء العلوم دت؛ الصفحة: 100).
وشتّان ما بين الجملتين رغم تقارب صيغتيهما، فجملة ابن فضل الله صحيحة، ولفظة "منيع" فيه هو وصفٌ للوادي، وأما في كلام السويدي، فكتابته حرف الياء في لفظة "وادي" أوجد هذه الربكة لدى من نقل عنه، فظنّ أنّ جملة: "وادي منيع" هو اسمٌ للوادي الذي تقع فيه بلدتا نعام وبريك.
[9] عبد المحسن محمد النصر: من وحي الحياة (الطبعة الأولى 2015م)؛ الصفحة: 172.
[10] إبراهيم بن راشد التميمي: تاريخ حوطة بني تميم (بيروت: الدار العربية للموسوعات 2004م)؛ الصفحة: 43.
ويرى هذا الباحث أنها سُمِّيت نسبة إلى بني رُوْق من بني العاتك بن عمرو ابن كليب بن ضور بن رزاح بن مالك بن سعد بن وائل بن هِزَّان بن صباح بن عتيك بن أسلم بن يذكر بن عنزة.
وذكر أنه من المشتهر عند العامة في حوطة بني تميم قولهم:
من اشتكى كثرة الذريّة يسكن وادي الروقية
يصبح متحمداً متشكراً من قلة الذرية
وذكر أن السبب في ذلك هو أنها كانت تكثر فيها المياه مما يجعل البعوض يتكاثر فيها، فتصيب أهلها بالوباء والأمراض، وتهلك الذريّة بسبب ذلك.
[11] الحسن بن أحمد الهمداني: صفة جزيرة العرب؛ (ليدن: مطبعة بريل 1884م)؛ الصفحة: 150.
[12] عبد الله بن محمد بن خميس: معجم اليمامة (الرياض: 1978م)؛ ج1: 485.
[13] عبد الله بن محمد بن خميس: معجم اليمامة (الرياض: 1978م)؛ ج1: 108.
[14] عبد الله بن محمد بن خميس: معجم اليمامة (الرياض: 1978م)؛ ج1: 108.
[15] كان هذا في الأزمان القديمة جداً قبيل الإسلام وبعده بقليل.
[16] عبد الله بن عبد العزيز آل مفلح الجذالين: تاريخ الأفلاج وحضارتها (الطبعة الأولى 1992م)؛ الصفحتان: 65 – 66.
[17] هكذا كتبها، والصحيح هو: ذهل.
[18] وهكذا كتبها بيده، ومن الواضح أنّ المراد عنزة رغم أنه لا محل لعنزة في سلسلة نسب مرة بن ذهل الشيباني البكري.
[19] وهكذا كتبها، والصحيح هو: عُكابَة.
[20] عبد المحسن محمد النصر: من وحي الحياة (الطبعة الأولى 2015م)؛ الصفحة: 172.
[21] أحمد بن مهدي آل نصر الله: ديوان أحمد بن مهدي آل نصر الله (مخطوط في أربعة أجزاء، ولدي صورة منه)؛ ج2: 69.
[22] جاء في مادة [عول] من لسان العرب قوله:
أَعالَ الرجلُ وأَعْوَلَ إذا حَرَصَ، وعَوَّلْت عليه أَي أَدْلَلْت عليه، ويقال: فلان عِوَلي من الناس أَي عُمْدَتي ومَحْملي؛ قال تأَبَّط شرّاً:
لكِنَّما عِوَلي إِن كنتُ ذَا عِوَلٍ
على بَصيـر بكَسْـب المَجْـدِ سَبَّاق
[23] أحمد بن مهدي آل نصر الله: ديوان أحمد بن مهدي آل نصر الله (مخطوط في أربعة أجزاء، ولدي صورة منه)؛ ج3: 28.
[24] علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي: جمهرة أنساب العرب؛ تحقيق: عبد المنعم خليل إبراهيم (بيروت: دار الكتب العلمية 2018م)؛ الصفحة: 304.
[25] أحمد بن مهدي آل نصر الله: ديوان أحمد بن مهدي آل نصر الله (مخطوط في أربعة أجزاء، ولدي صورة منه)؛ ج3: 55.
[26] أحمد بن مهدي آل نصر الله: ديوان أحمد بن مهدي آل نصر الله (مخطوط في أربعة أجزاء، ولدي صورة منه)؛ ج3: 196.
[27] أحمد بن مهدي آل نصر الله: ديوان أحمد بن مهدي آل نصر الله (مخطوط في أربعة أجزاء، ولدي صورة منه)؛ ج2: 69.
[28] كان حقها أن تكون: "فدوّخوهم"، ولكن الوزن اضطره إلى حذف الضمير العائد إلى الملوك.
[29] أحمد بن مهدي آل نصر الله: ديوان أحمد بن مهدي آل نصر الله (مخطوط في أربعة أجزاء، ولدي صورة منه)؛ ج2: 74.
[30] معنى هذا البيت مأخوذ من قول أبي فراس الحمداني التغلبي:
ونحن أناسٌ لا توسّط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر
وقوله: "نسمو إلى الغاية أو نُعتلا" أي إما أن نصل إلى الغاية من الشرف والرفعة أو يعتلينا تراب القبر.
[31] محمد بن مكرم بن علي = جمال الدين ابن منظور: لسان العرب (بيروت: دار صادر 1414هـ)؛ ج5: 171.
وكانت كتيبة دوسر موجودة من أيام جده القديم النعمان بن امرئ القيس البدء، وكانت تتكون من بطون تنوخ كما ذكر الطبري في ترجمة النعمان هذا، وقد اشتبه على بعض المؤرخين والنقلة اسم النعمان هذا مع اسم حفيده الأدنى النعمان بن المنذر آخر حكام بني عديّ في الحيرة، فنسبوا دوسر تنوخ إليه، والصحيح هو أنّ هذه الكتيبة ظلّت باقية، ولكن بطون القبائل المكونة لها تتغير، فكانت من تنوخ يوم كانت تنوخ هي القبيلة العظمى بين قبائل الجزيرة العربية أيام النعمان البدء، ولكن في عصر حفيده الأدنى عمرو بن هند كانت تتكون من بطون بكر وتغلب لأنّ هاتين القبيلتين كانتا في عهد ابن هند من أشجع قبائل العرب، وأكثرها صولة وجولة.
[32] وزارة الأعلام، الجمهورية العراقية - مديرية الثقافة العامة: مجلة لغة العرب (بغداد: مطبعة الآداب)؛ ج3: 475 – 480
[33] سبق أن مرّ بنا أنّ الخطيب عبد المحسن النصر رفع نسب أحد أجداده الذين ذكرهم في سلسلة النسب التي كتبها بخط يده إلى الفضول، ثم إلى بكر بن وائل الربعية، وهنا الأمر ذاته تقريباً غير أنّ هذا النسابة النجدي رفعهم إلى تغلب بن وائل أخوة بكر بن وائل.
[34] يلاحظ أنّ الخطيب عبد المحسن النصر في سلسلة نسبه التي كتبها بيده رفع نسبه أولاً إلى الفُضُول، ثم إلى بكر بن وائل، فيبدو أنّ هذا التلفيق في هذه السلسلة جاء من بحث سليمان الدخيل هذا لأنّ هذا البحث نشره الدخيل في مجلة (لغة العرب) العراقية، وهي مجلة كانت مقروءة من قبل القطيفيين.
[35] المصروري: نسبة إلى المصارير، وهم بطنٌ ينتسب إلى تغلب من زمنٍ قديم في الأفلاج ووادي بريك ونعام.
[36] عبد الله بن دهيمش بن عبّار الفدعاني العَنَزيّ: أصدق الدلائل في أنساب بني وائل (الطبعة السابعة 2003م)؛ الصفحة: 212.
[37] فؤاد حمزة: قلب جزيرة العرب (بور سعيد: مكتبة الثقافة الدينية 2002م)؛ الصفحة: 150.
ومن الواضح وقوع التحريف والتصحيف في بعض أسماء هذه الأفخاذ، فالمصادير تحريف المصارير، وأما المشادية، فهو تحريف المشاوية.
[38] يعدهم البعض من عنَزَة، والأمر سيّان، فعنزة وتغلب قبيلتان من ربيعة، وقد تداخلت بعض بطون القبيلتين منذ زمنٍ قديم، وسنرى مصداق ذلك بعد قليل.
[39] وردت في (سبائك الذهب) للسويدي الناقل عنه: "البرجان".
[40] أحمد بن يحيى بن فضل الله القرشي العدوي العُمري: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار (أبو ظبي: المجمع الثقافي 1423هـ)؛ ج4: 352.
[41] والوشم – كما نعلم – يقع في شقراء الآن.
[42] عبد الرحمن بن محمد بن خلدون: تاريخ ابن خلدون (بيروت: دار الفكر 1988م)؛ ق2: 499 – 500.
[43] تحرفت إلى الحنملية والحنبلية في بعض كتب الأنساب الناقلة عن ابن فضل الله؛ كـ(نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب) للقلقشندي، و(سبائك الذهب) للسويدي، و(قلائد الذهب في معرفة انساب قبائل العرب)، للبالوي الكردي الدمشقي.
[44] عبد العزيز الرشيد: تاريخ الكويت (بغداد: المطبعة العصرية 1926م)؛ الصفحة: 12.
[45] عبد العزيز بن مساعد الياسين: كشاف الألقاب (حولّي - الكويت: مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع 1998م) الصفحتان: 50 – 51.
[46] حسين خلف الشيخ خزعل: تاريخ الكويت السياسي (بيروت 1962م)؛ ج1: 40.
[47] انظر:
· حمد بن لعبون: نبذة مخطوطة لقطعة من تاريخ ابن لعبون؛ كُتبت بيد عبد الرحمن بن عبد الله بن حمود التويجري، وهي مشاعة في الشبكة الإلكترونية، ولدي صورة منها حصلتُ عليها من الأستاذ راشد بن عساكر.
· خالد بن علي الوزّان وعبد الله بن بسام البسيمي: مدونة جبر بن جبر في الأنساب؛ دراسة نقدية من خلال عشر نسخ خطية (الدارة: مجلة مجلة فصلية محكّمة تصدر عن دارة الملك عبد العزيز بالرياض)؛ العدد الرابع شوال 1429هـ / السنة الرابعة والثلاثون؛ الصفحة 25.
[48] من الواضح من اسمه أنه أخو عليا بنت رشود الجميلي التي تزوجها السيد نصار بن محمد بن ضيغم بن خشرم بن نجاد بن قيس بن ثابت بن نعير بن منصور بن جمَّاز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مُهنّا بن حسين بن مهنا بن داود بن قاسم بن عبد الله بن عبيد الله بن طاهر بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن علي ابن الحسين ابن علي بن أبي طالب؛ من أمراء المدينة؛ كما ذكر ابن شدقم في كتابه (تحفة الأزهار)، وذكر أنّ السيد نصار أنجب من عليا بنت رشود الجميلي ولدين هما: درويش وداغر (انظر: ضامن بن شدقم: تحقة الأزهار وزلال الأنهار في نسب أبناء الأئمة الاطهار؛ ج2: 445 طهران 1999م).
[49] لم أفهم مراده بـ"نصف البديع" إلا أنه ربما أراد أن يقول إنّ هذا الشيخ الجُميلي كان رئيساً على نصف الأفلاج لأنّ البديع كانت قاعدته قبل أن تصبح قاعدته ليلى التي كانت لقبيلة الشثور حينها.
[50] انظر:
· مطهر بن محمد بن أحمد بن عبد الله الجرموزي: تحفة الأسماع والأبصار بما في السيرة المتوكلية من غرائب الأخبار؛ تحقيق: عبد الحكيم بن عبد المجدي الهجري (صنعاء: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية 2002م)؛ ج2: 965 – 966.
· عبد الله بن علي بن محمد = ابن الوزير الحسني: تاريخ اليمن خلال القرن الحادي عشر الهجري المعروف بـ(تاريخ طبق الحلوى وصحاف المنّ والسلوى)؛ تحقيق محمد عبد الرحيم جازم (بيروت: دار المسيرة )؛ 186 – 187.
[51] هشام بن محمد بن السائب الكلبي: نسب معد واليمن الكبير؛ تحقيق ناجي حسن (بيروت: عالم الكتب 1988م)؛ ج1: 84.
[52] دائماً ما كان يُعبر عن واحتي القطيف والأحساء في تلك الحقب باسم أكبر الواحتين، وهي الأحساء، أو الحَسّا.
[53] حمد بن إبراهيم الحقيل: كنز الأنساب (دون بيانات نشر)؛ الصفحتان: 192 – 193.
[54] لقد كانت بطون من قبيلة تغلب تسكن جنوب الجزيرة العربية منذ زمن قديم مثل آل أبي عقامة الذين منهم قضاة زبيد المشهورون، وكذلك آل فرسان الذين تُنسب إليهم جزر فرسان في البحر الأحمر، وغيرهم.
[55] عبد الله بن عبد العزيز آل مفلح الجذالين: تاريخ الأفلاج وحضارتها (الطبعة الأولى 1992م)؛ الصفحة: 150.
[56] ذكر ذلك باحث الأفلاج؛ عبد الله بن عبد العزيز آل مفلح الجذالين في كتابه (تاريخ الأفلاج وحضارتها)؛ عند ذكره لهذه القرى والمياه في الأفلاج.
[57] ذكرها الجذالين كذلك.
[58] ذكر ذلك الجذالين كذلك أيضاً.
[59] إبراهيم جار الله بن دخنة الشريفي: الموسوعة الذهبية في أنساب قبائل وأسر شبه الجزيرة العربية (ط. 1998م)؛ الصفحة 1379.
[60] انظر مواضع هذه القرى والمياه في الخارطة الملحقة بآخر البحث.
[61] مما لفت نظري أنه على بعد 49 ميلاً جنوبي غربي روقية الأفلاج هذه يوجد شقيقة رمل تُسمّى (نقيان الرُّدَيْنيّ)؛ تقع غربي الحيانية ضمن نفود الدّحيّ، وهذا الرمل يقع في الأفلاج، وهي مساكن البطون التغلبية المذكورة.
[62] من المؤسف جداً أنّ هذا الديوان لم يُطبع حتى الآن مع ما يوجد فيه من معلومات تاريخية مفيدة.
[63] سبق وقلت إنّ عنزة هنا يراد به حلفٌ كبير يتكون من بطون قبائل ربيعة من عنزة وبكر وتغلب، وليس عنزة القبيلة وحدها.
[64] تقع أقصى جنوب حوطة بني تميم، وبالقرب منها تقع رَوْقيّة الحوطة التي سبق وذكرتها في هذا البحث، والتي نسب الخطيب عبد المحسن النصر، وقبله ابنُ عيسى أو أحد المطلعين على كتاباته جدّ الردينيين إليها، وها هو كما نرى حتى لو كانت رَوقيّة الحوطة هي التي كان ردينة يعيش فيها، فهاهم الجُميليون يقطنون في الحلوة بقربها هي الأخرى، ولكنني لا زلت أرجح روقية الأفلاج لتكون موطن رُدينة.
[65] قد يكون البرحان في نصّ ابن فضل الله المتقدم هو تصحيف الفرجان هؤلاء.
[66] حمد بن إبراهيم الحقيل: كنز الأنساب (دون بيانات نشر)؛ الصفحتان: 192 – 193.
[67] انظرها في آخر البحث.
[68] وثيقة خاصة بأوقاف آل حمد وبيات ابني عبد الله بن قاسم بن ردينة؛ كتبت عام 1189هـ، ويرى القارئ نسخة منها في آخر هذا البحث، وقد حصلتُ على أكثر من صورة منها؛ إحداها من الصديق العزيز نزار آل عبد الجبار، وأخرى من الأستاذ عبد العظيم بن مبارك آل ابي السعود، فلهما مني كل الشكر والتقدير.
[69] أحمد بن يحيى بن فضل الله القرشي العدوي العُمري: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار (أبو ظبي: المجمع الثقافي 1423هـ)؛ ج4: 353.
[70] وهو الطريق الذي سلكه ناصر خسروا في رحلته من مكة إلى الأحساء، ووصفه لنا بإسهاب مشوق.
[71] انظر مثلاً: سمط النجوم العوالي للعصامي، ودرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة للجزيري، وإتحاف القرى في تاريخ أم القرى لابن فهد المكي.
[72] عبد الله بن محمد البسام: تحفة في أخبار نجد والحجاز والعراق؛ تحقيق: إبراهيم الخالدي (الكويت: شركة المختلف للنشر والتوزيع 2000م)؛ الصفحة: 34.
[73] عبد الله بن محمد البسام: تحفة في أخبار نجد والحجاز والعراق؛ تحقيق: إبراهيم الخالدي (الكويت: شركة المختلف للنشر والتوزيع 2000م)؛ الصفحة: 36.
[74] عبد الله بن محمد البسام: تحفة في أخبار نجد والحجاز والعراق؛ تحقيق: إبراهيم الخالدي (الكويت: شركة المختلف للنشر والتوزيع 2000م)؛ الصفحات: 38، 42.
[75] عبد الله بن محمد البسام: تحفة في أخبار نجد والحجاز والعراق؛ تحقيق: إبراهيم الخالدي (الكويت: شركة المختلف للنشر والتوزيع 2000م)؛ الصفحة: 52.
[76] عبد الله بن محمد البسام: تحفة في أخبار نجد والحجاز والعراق؛ تحقيق: إبراهيم الخالدي (الكويت: شركة المختلف للنشر والتوزيع 2000م)؛ الصفحة: 53.
[77] عبد الله بن محمد البسام: تحفة في أخبار نجد والحجاز والعراق؛ تحقيق: إبراهيم الخالدي (الكويت: شركة المختلف للنشر والتوزيع 2000م)؛ الصفحة: 55.
[78] عبد الله بن محمد البسام: تحفة في أخبار نجد والحجاز والعراق؛ تحقيق: إبراهيم الخالدي (الكويت: شركة المختلف للنشر والتوزيع 2000م)؛ الصفحة: 43.
[79] عثمان بن عبد الله بن بشر النجدي الحنبلي: عنوان المجد في تاريخ نجد؛ تحقيق: عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ (الرياض: دارة الملك عبد العزيز 1982م)؛ ج1: 202.
[80] أحمد بن علي بن الحسين العلوي = ابن عنبة: الأصول الفخرية؛ تحقيق: السيد جلال الدين المحدث الأرموي (طهران: شركة انتشارات علمي وفرهنكي 1984م)؛ الصفحة: 63.
[81] أحمد بن علي المقريزي: درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة؛ تحقيق د. محمود الجليلي (بيروت: دار الغرب الإسلامي 2002م)؛ ج3: 429.
[82] جعفر بن محمد العبدي = أبو البحر الخطّي: ديوان أبي البحر الخطي؛ تحقيق عدنان العوامي (بيروت: دار الانتشار العربي؛ 2005م)؛ ج1: 268.
[83] كان الولاة الذين تعينهم الدولة العثمانية على البلاد التابعة لها، ولاسيما البلاد البعيدة عن مركز الحكم يتصرفون كيفما شاءوا بفرض ضرائب وإتاوات على سكان تلك البلاد قد لا يطلبها منهم الحكم المركزي، ولكنهم كانوا يفرضونها على السكان من تلقاء أنفسهم لأطماعهم الخاصة، وفي الإرشيف العثماني مئات الشكاوى التي كان سكان البلاد التي احلتها الدولة العثمانية يرفعونها إلى ديوان الخلافة في اسطنبول، أو إلى دياوين الحكم المركزية في البلاد الكبرى التابعة لهذه الدولة.
[84] محمد سعيد المسلم: واحة على ضفاف الخليج (الدمام: مطابع الرضا 2002م)؛ الصفحة 34، وانظر صورة مقتبسة عنها في آخر البحث.
[85] محمد سعيد المسلم: واحة على ضفاف الخليج (الدمام: مطابع الرضا 2002م)؛ الصفحة 35، وانظر صورة مقتبسة عنها في آخر البحث.
[86] قد يكون الآخر، وهو الشيخ ماجد بن حسين من آل مقلد أيضاً، ولم يُذكر نسبه لشهرته كما هو حال الشيخ عبد الله بن ناصر المذكور معه، والذي هو الزعيم الأخير لآل مقلد في القطيف كما سنرى.
[87] وأبوه ناصر هذا هو أحد شهود وثيقة وقفية نخل زدادان في جزيرة تاروت التي كُتبت عام 937هـ.
[88] جعفر بن محمد العبدي الخطّي: ديوان أبي البحر الشيخ جعفر الخطي؛ تحقيق: عدنان السيد محمد العوّامي (بيروت: دار الانتشار العربي 2005م)؛ ج1: 268.
[89] كان أغلب موظفي الدولة العثمانية في القطيف - وفي أي مكان احتلته هذه الدولة - عبارة عن موظفين طماعين جشعين لا يشبعون من الأموال، وكانت وجهاء البلد وشخصياتها يعرفون ذلك منهم، ولهذا كانوا يقدمون بين يدي مطالبهم جعلاً من المال لهؤلاء الموظفين لإنجاحها وإتمامها، ومثل الشيخ الزعيم عبد الله آل مقلد لم يكن يخفى عليه ذلك، فلا شك أنه كان لديه بعض الموظفين الذين كان يغدق عليهم الأموال لإنجاح مطالبه، وربما طلب منهم إخباره بكل ما يدور في مقر السلطة، ولا سيما ما يتعلق به، ويبدو أنّ بعض هؤلاء الموظفين قد أخبره بعزم السلطة على التنكيل به، فكان هذا هو سبب هروبه السريع من القطيف إلى جزيرة أوال.
[90] أ. انظر:
· د. زكريا كورشون، ود. محمد موسى القريني: سواحل نجد (الأحساء) في الأرشيف العثماني (بيروت: الدار العربية للموسوعات 2005م)؛ الصفحات: 16، 26، 28.
· فاضل بيات: البلاد العربية في الوثائق العثمانية (استانبول: مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بمنظمة التعاون الإسلامي 2014م)؛ ج3: 46 – 48.
[91] فاضل بيات: البلاد العربية في الوثائق العثمانية (استانبول: مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بمنظمة التعاون الإسلامي 2014م)؛ ج3: 48 – 49.
[92] قد يتصور البعض أنّ إزاحة آل ردينة لآل مقلد عن كرسي الزعامة الأهلية في القطيف هو عملٌ مشين، ولكنني لا أرى ذلك، فنحنُ لا نعرف عن آل مقلد وسيرتهم الشيء الكثير، وكل ما وردنا عنهم في هذا الشأن هو منقول عن راوي ديوان مادحهم الخطي الذي سيكون متعاطفاً بطبيعة الحال معهم في نكبتهم؛ إلا أنّه من المسلّم به في عالم الزعامة والملك هو أنّ الزعماء في أغلب الأوقات ليسو ملائكة، وعلى ذلك، فلا آل مقلد كانوا كذلك، ولا آل رُدينة كانوا شياطين فيما لو كان لهم دورٌ في إزاحتهم عن الزعامة، وهذا الأمر نلاحظه مثلاً في تعاطف السكان في القطيف والأحساء وأوال مع العُيونيين مثلاً لأنهم من بلادهم، ولأنهم على ذات المذهب الذي هم عليه مع أنّ العُيونيين كانوا دمويين في حكمهم، فكان الأب يقتل ابنه والابن يقتل أباه، والأخ يقتل أخاه فضلاً عن قتل أبناء العم منهم لأبناء عمهم الآخرين في سبيل الوصول إلى سدة الحكم.
[93] راجع المشجرة الموثّقة، والمصممة من قبل كاتب البحث في آخر هذا البحث.
[94] محمد سعيد المسلم: واحة على ضفاف الخليج (الدمام: مطابع الرضا 2002م)؛ الصفحة 35، وانظر صورة منها في آخر البحث.
[95] ذكر اسمه في الوثيقة، ولكن تم الشطب عليه من قبل شخصٍ غير معروف، وبما أنّ تاريخ هذه الوثيقة هو 1119هـ، ففي هذا التاريخ كان حاكم القطيف والأحساء هو سعدون الذي امتدت فترة حكمه من 1103 إلى 1135هـ وقت وفاته في الجندلية من الدهناء كما ذكر الفاخري في حوادث هذه السنة من تاريخه.
[96] ذكرت أسماؤهم كما دونتها هنا عن وثيقتين كُتبتا في 10 ذي القعدة من العام 1119هـ، وهما عبارة عن وثيقتي تصدُّق وهمي سأتحدث عنهما بعد قليل.
[97] يجب الأخذ بالاعتبار أنّ هذا تاريخ تدوين هذه الوثيقة التي حصلتُ عليها لأنها تتحدث عن أوقاف حمد وبيات التي وصلت إلى أحفادهم في هذا التاريخ، وأما حمد وبيات، فهما من أهل القرن العاشر كما سبق وذكرت.
[98] أخبرني بنسبه هذا النسابة القطيفي؛ الأستاذ سامي الجشي، فله مني خالص الشكر والتقدير.
[99] عبدالإله التاروتي: بين يدي العلامة البيات شيخ المتهجدين (بحثٌ منشور في مجلة البصائر الالكترونية ، العدد (39) ، السنة 17 – 1427هـ/2006م)؛ الصفحتان: 166 – 167.
ويُحتمل نقص جدّ أو جدّين من هذه السلسلة.
[100] توفي رحمه الله في 29 شعبان 1420 هـ
[101] راجع المشجرة الموثّقة في آخر هذا البحث.
[102] يوجد في سيهات أسرة معروفة باسم (آل عبد النبي)، وقد أطلعني أحد أفرادها على بعض وثائقهم – وهو الصديق كميل بن عبد الله آل عبد النبي – فوجدتُ أنّ جدهم يُدعى بـ(عبد النبي بن سيار)، وتاريخه غير بعيد، فلا أدري إن كانوا من آل عبد النبي الردينيين أم هم من غيرهم.
[103] مجلة الفيصل؛ العددان 433، و434 لشهري رجب وشعبان 1433هـ؛ الصفحة 33.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق