الخميس، 17 سبتمبر 2015

هيئة السياحة والآثار مرة أخرى ما هذا الذي تفعلونه في مساجد الأحساء؟!

هيئة السياحة والآثار مرة أخرى
ما هذا الذي تفعلونه في مساجد الأحساء؟!


بعد الخطأ المهني الفظيع الذي ارتكبته هيئة السياحة والآثار في ترميمها لمسجد جواثى، واستبدالهم مأذنتيه ببرجين قلاعيين كما سبق وبينت ذلك في البحث الذي يراه القارئ في هذه المدونة أعلاه؛ ها هي الهيئة ترتكبُ خطئاً آخر لا مسوغ له، وهو إطلاقهم مسمى (مسجد الجعلانية) على (المسجد الجامع)، ببلدة البطّالية رغم تواتر هذا اسم (المسجد الجامع) له عند أهالي البلدة من قديم الزمان وحتى يومنا هذا، وعدم أطلاقهم تسمية (مسجد الجعلانية) عليه أو على أي مسجد آخر في البلدة؛ بل عدم معرفتهم بوجود مسجد يُسمى (الجعلانية) في بلدتهم، وإنما الجعلانية هو اسم موضع قديم في الأحساء كان فيه مسجد له اسمٌ آخر كما سنرى في هذا البحث.

وتقوم بلدة البطالية التي يقوم فيها هذا (المسجد الجامع) على أنقاض مدينة الأحساء التي بناها أبو سعيد الجنابي مؤسس دولة القرامطة في البحرين في الربع الأخير من القرن الثالث الهجري واتخذها عاصمة لدولته، وعندما فرض القرامطة هيمنتهم على كامل إقليم البحرين كان من الأشياء التي فعلوها هو منع صلاة الجمعة والجماعة في المساجد؛ بل إنهم هدموا كثيراً من المساجد التي كانت فيها وفي كامل إقليم البحرين، ولم يسمحوا لسكان إقليم البحرين1 أن يبنوا أي مسجد في مدنه وقراه إلا في آخر حكمهم بعد أن دخل الضعف على دولتهم، وفي هذا الصدد يقول ابن المقرَّب العُيوني واصفاً ما فعلوه بقبيلته عبد القيس وبلده البحرين:

وَحَرَّقُوْا عَبْدَ قَيْسٍ فِيْ مَنَاْزلِهَاْ

وَصَيَّرُوْا الغُرَّ مِنْ سَاْدَاْتِهَاْ حِمَمَاْ

وَأبْطَلُوْا الصَّلَوَاْتِ الخَمْسَ، وَانْتَهَكُوْا

شَهْرَ الصِّيَاْمِ، وَنَصُّوْا مِنْهُمُ صَنَمَاْ

وَمَاْ بَنَوْا مَسْجِدَاً للهِ نَعْرِفُهُ

بَلْ كُلَّ مَاْ أدْرَكُوْهُ قَاْئِمَاً هُدِمَاْ

وعلّق شارح الديوان الذي كان معاصراً للشاعر على هذه الأبيات بقوله: "وَكَانَ أبُوْ سَعيْدٍ الجَنَّابيّ حينَ مَلَكَ البَحْرَيْن، واستذلَّ أهْلَها، واسْتَقامَ أمرُه بهَا؛ هَدَمَ مَا كَانَ فيْهَا مِنْ المسَاْجدِ، وَأبْطَلَ الصَّلاةَ، وَكَانَ لا يُصلِّيْ أحَدٌ بهَا إلا خُفْيَةً مُدَّةَ دَوْلَةِ القَرَاْمِطَةْ".2

وفي الواقع فإنّ تهديم القرامطة لمساجد البحرين أو تعطيلها قد ذكره أكثر من مؤرخٍ سابق لشارح الديوان المقرَّبي، فعندما تحدث المقدسي (توفي 390هـ) في كتابه (أحسن التقاسيم إلى معرفة الأقاليم) عن الأحساء قال عنها: 

"الأحْسَاْءُ: قَصَبةُ هَجَر، وَتُسَمّىْ البَحْرَيْن، كبيرةٌ كثيرةُ النَّخيْل عَاْمِرَةٌ آهِلَةٌ، .. وبها مُسْتَقَرُّ القَرَامطَةِ مِنْ آلِ أبيْ سَعيْدٍ، ثمَّ نظَرٌ وَعَدْلٌ، غَيرَ أنَّ الجامِعَ مُعَطَّلْ".

فالمقدسي في هذا النصّ يتحدث عن الأحساء العاصمة، وليس الإقليم بدليل قوله عنها إنها "قصبة هجر"، وأن بها "مستقر القرامطة من آل أبي سعيد"، وهذا ما كانت عليه الأحساء العاصمة بالفعل، والتي تقوم على أنقاضها الآن بلدة البطالية كما هو متواتر عند أهالي الأحساء، وعليه فإنّ المقدسي ينصُّ على وجود مسجد جامع في مدينة الأحساء، ولكنه ينصُّ على أنه كان معطلاً وقت زيارته لها.

إنّ هذا المسجد الجامع الذي ذكره المقدسي المتوفى عام 390 للهجرة - والذي يبدو أنّ زيارته للأحساء كانت في آخر حياته – ذكره رحالة آخر زار الأحساء عام 443 للهجرة، وهو ناصر خسرو الذي ولد بعد المقدسي بتسعة عقود (توفي 481هـ)، فقال في هذا الصدد:

"وليس في مدينة الحسا مسجد جمعة ولا تقام بها صلاة أو خطبة إلا أن رجلا فارسيا اسمه علي بن أحمد بنى مسجدا وهو مسلم حاج غني كان يتعهد الحجاج الذين يبلغون الحسا".3 

وأرى أنّ هذا المسجد هو ذاته المسجد الجامع الذي ذكره المقدسي قبل قليل، ولا يُستبعد ذلك، فخسرو بطبيعة الحال ذكر بناء هذا المسجد في الأحساء، ولم يذكر وقت بنائه، والمسجد كان قائماً قبل مجيئه بمدة من دون ريب، ثم إنّ الفترة الزمنية بين مجيء ناصر خسرو إلى الأحساء ووفاة المقدسي هي ثلاثة وخمسون سنة فقط، وواضح أنّ خسرو ذكر ما ذكر عن بناء هذا المسجد عن بعض أهالي الأحساء بالرواية، وبالتالي فهو ذات الجامع المعطل الذي ذكره المقدسي لأنّ ناصر خسرو يتكلم عن مدينة الأحساء ذاتها التي تكلم عنها المقدسي، وكلاهما ذكر وجود مسجد جامع فيها، ونحن نعرف أنه لا يجوز شرعاً بناء مسجدين للجمعة في بلد واحد إلا أن تكون المسافة بينهما أربعة فراسخ، ويؤكد ذلك أيضاً وصف ناصر خسرو لهذا الرجل الفارسي الذي بنى المسجد بأنه كان المتعهد بشئون الحجاج القاصدين إلى مكة عبر الأحساء، ورجل كهذا لا يمكن إلا أن يقيم في عاصمة البلد، وهي مدينة الأحساء، وأما قول المقدسي عن هذا الجامع انه كان معطلاً، فهو لا يتناقض مع رواية ناصر خسرو عن بنائه للحجاج القادمين إلى الأحساء أثناء موسم الحج، فهذا الجامع على ما يبدو لم تكن تُقام فيه الصلاة إلا وقت الحج من قبل الحجاج الوافدين إلى الأحساء في طريقهم إلى مكة، وهي أيام قليلة في كل عام، وأما بقية أيام السنة، فإن القرامطة لم يكونوا ليسمحوا لأحد أن يقيم الصلاة فيه خصوصاً وأنه يقع بالقرب من قصر حكمهم الذي عُرف لاحقاً في شعر ابن المقرب بـ(قصر القرمطي)، ثم صغّر بعد ذلك، فسمي (قصر قُريمط).
 وبناءاً على هذا، فإنني أرى أنّ هذا المسجد الجامع الذي ذكره المقدسي وخسرو عند زيارتهما للأحساء هو هذا المسجد المسمى بـ(المسجد الجامع) في بلدة البطالية إذ أنه لا جامع غيره يُطلق عليه هذا الاسم في البلدة؛ بل هو المسجد الوحيد في الأحساء الذي يُطلق عليه اسم المسجد الجامع حتى وقتنا هذا.

وكان الشيخ حمد الجاسر – رحمه الله – من أوائل من وصف هذا المسجد، وأطلق عليه اسمه المعروف له عند الأهالي أي (المسجد الجامع)، ويحسن أن أذكر نصَّ ما ذكره عن هذا المسجد للتدليل على ذلك، وهو قوله في رسم [ البطالية ] من المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية: 

"وفي الجهة الغربية الجنوبية من آثار القصر – يعني قصر قريمط - على مقربة من تلك الآثار فيما بينها وبين عين (الجوهرية) بحيث يسمع المرءُ هدير مائها، يوجد مكان يطلق عليه أهل تلك الجهة (المسجد الجامع)، وبعضهم يسميه (مسجد قريمط)، لقربه من موقع القصر المنسوب إلى قريمط".

وصدق الشيخ – رحمه الله في ملاحظته، فالمعروف عند أهالي البلدة أنّ اسم هذا المسجد هو (المسجد الجامع) بالفعل، وأنّ مسمى (مسجد قُريْمط)، وإن كان يطلق على هذا المسجد أيضاً؛ إلا أنّ من يطلقه إنما يطلقه عليه لوقوع هذا المسجد قرب قصر قُريمط الذي كان يُسمى قديماً بـ(قصر القرمطي)، وما عدا ذلك فإنّ سكان البطالية لا يعرفون لهذا المسجد اسماً آخر، ولاسيما هذا الاسم الذي أطلقته عليه هيئة السياحة والآثار أعني مسجد الجعلانية؛ بل إنني أستطيع أن أؤكد أنه لم يكن يوجد حتى في كامل واحة الأحساء مسجد كان يُسمى بـ(مسجد الجعلانية).

نعم؛ الجعلانية موضع قديم في الأحساء هذا صحيح، والصحيح أيضاً أنه كان فيها مسجدٌ، ولكنه لم يكن يُسمى بـ(مسجد الجعلانية)، وإنما كان يحمل اسماً آخر، والمصدر الوحيد الذي ذكر الجعلانية والمسجد الذي كان فيها هو شارح الديوان المقرَّبي فقط، وسأورد هنا نصَّ ما قاله عن هذا المسجد منقولاً عن أصح النسخ التي اعتمدتها في تحقيق ديوانه بحيث تتضح الرؤيا للقارئ، وهذا نصُّ ما ورد شعراً وشرحاً حيث قال في شرح قول ابن المقرَّب: 

لَهَاْ فَيْلَقٌ بالجَوِّ ذِيْ النَّخْلِ كَاْمِنٌ
وَرَيْعَاْنُهَاْ لِلْمَسْجِدِ الفَرْدِ شَاْمِلُ

"الفيلق: الجيش العظيم، و"الجوّ ذي النخل" يعني أرضاً أيضاً تُعرف بالمحرّمة  شمالي الجرعاء التي تعرف بالجعلانيّة، وهو مكان بالأحساء من البحرين، .. والمسجد مسجدٌ بالجعلانيّة يعرف بمسجد الأميرة وهبة بنت الأمير أبي علي".4

فليلاحظ قول الشارح في آخر الكلام: "والمسجد: مسجد بالجعلانية يُعرف بمسجد الأميرة وهبة"، فهو واضح في أنّ اسم هذا المسجد هو (مسجد الأميرة وهبة)، وليس (مسجد الجعلانية)؛ بل إنه حتى الطبعة الهندية للديوان، والتي يبدو أنّ الأخوة المسئولين في هيئة السياحة والآثار قد اعتمدوا عليها، فإنّ ما ورد فيها في هذا الموضع لا يفيد أنّ اسم هذا المسجد كان يُعرف بـ(الجعلانية)، وهذا نصُّ ما ورد في تلك الطبعة:

"الفيلق: الجيش العظيم، والجوّ ذي النخل يعني أرضاً تُعرف بالمحرّمة  شمال من الجرعاء التي تعرف بالجعلانيّة، .. والمسجد مسجد الجعلانيّة، ويعرف بمسجد الأميرة وهي بنت الأمير عبد الله ابن علي".5

ويلاحظ هنا أنّ الكلام في الطبعة الهندية هو ذاته الكلام الذي قابلته على بقية المخطوطات في تحقيقي للديوان في طبعتيه باستثناء بعض الاختلافات الطفيفة التي لا تغير المعنى بخصوص المسجد وليس في اسم صاحبته الذي تغير كثيراً عما هو في تحقيقي، ومن الواضح أنّ اسم المسجد هو (مسجد الأميرة)، وأن صلته بالجعلانية هو صلة مكانية لا صلة اسمية.

مسجد الأمير وهبة هو مسجد آمنة بنت وهب


لقد ذكر شارح الديوان المقربي في شرحه للبيت المتقدم أنّ الغزاة الذين غزوا مدينة الأحساء كانوا قد جعلوا لهم فيلقاً في أرض أسماها الشاعر (الجو ذا النخل)، وذكر الشارح أنها تُعرف أيضاً بـ(المحرّمة)، والواقع هو أنه يوجد موضعٌ قريب من بلدة البطالية اسمه المحرّمة يقع في الجهة الجنوبية الشرقية من القرية إلى الشرق من بستان قديم كان وما زال يُسمّى (الخائس) الذي ذكره الشارح في موضع آخر، وذكر أنه يقع قريباً من قصر الحكم (قصر القرمطي)، وهذه المحرمة ينطبق عليها مراد الشاعر لأنّه وصف المغيرين بأنهم أغاروا على الأحساء من درب الجنابذ الواقع شرقها؛ في حين إنه كان لهم فيلقٌ كامنٌ عند المحرمة، وفي تلك الجهة، وبالقرب من بستان الخائس يوجد مسجد يسميه أهالي البطالية الآن بـ(مسجد آمنة بنت وهب)، وهو مسجد قديم مهجور، وأرى أنّ جملة (آمنة بنت وهب) ما هي إلا تحريف جملة (الأميرة وهبة)، والأميرة وهبة هذه هي بنت الأمير أبي عليّ الحسن بن عبد الله بن علي، وأبوها الأمير الحسن هو أصغر أبناء مؤسس الدولة العُيونية عبد الله بن علي، فتكون وهبة حفيدة المؤسس إذاً.
وهنا في نهاية حديثي هذا أطالب موظفي هيئة السياحة الموقرة أن تعيد تسمية هذا المسجد باسمه التاريخي، وهو (المسجد الجامع)، وأتمنى هذه المرة أن لا تأخذهم العزة بالإثم، فيصرون على خطئهم كما فعلوا في مسجد جواثى.

الهوامش:


1. كان القرامطة محسوبين على الشيعة الإسماعيلية؛ في حين كان جل سكان إقليم البحرين شيعة اثني عشرية، ولهذا فقد وقعت بين السكان وبين القرامطة حروب ووقائع مهولة إبان تأسيس الأخيرين لدولتهم في إقليم البحرين، وقد قُتل من سكان البحرين من عبد القيس الكثير لأنهم لم يرضخوا للقرامطة، وقد تحول كل ذلك إلى كره واضح من سكان البحرين لهم، فكانوا يتحينون كل فرصة للخروج عليهم وإسقاط دولتهم حتى تحقق لهم ذلك في أواسط القرن الخامس الهجري بثلاث ثورات أسقطت دولتهم وأنهت حكمه في البحرين، وهذه الثورات الثلاث ثورة أبي البهلول العبدي في جزيرة أوال، وثورة يحيى بن العباس الجذمي العبدي في القطيف، وثورة عبد الله بن علي العُيوني العبدي في الأحساء، وقد تمكن هذا الأخير في النهاية من انتزاع حكم أوال من أبي البهلول أو من حكم بعده، ومن آل عباس الجذميين في القطيف ليصبح حاكماً مطلقاً لكل إقليم البحرين، وتفصيل ذلك كله في ديوان ابن المقرَّب وشرحه.

2. شارح مجهول من القرن السابع الهجري: شرح ديوان ابن المقرَّب؛ تحقيق عبد الخالق الجنبي (بيروت: دار المحجة البيضاء 2012م)؛ ج4: 2123 – 2127.

3. ناصر خسرو: سفر نامه؛ تحقيق يحيى الخشاب (بيروت: دار الكتاب الجديد 1983م)؛ الصفحة 143.

4. شارح مجهول من القرن السابع الهجري: شرح ديوان ابن المقرَّب؛ تحقيق عبد الخالق الجنبي (بيروت: دار المحجة البيضاء 2012م)؛ ج3: 1413 وما بعدها.

5. شارح مجهول من القرن السابع الهجري: شرح ديوان ابن المقرَّب (منبي - الهند: مطبعة دت برساد 1310هـ)؛ الصفحات 372 – 373.

الخرائط والصور التوضيحية


صورة فضائية مقتبسة عن موقع Bing.maps.com وقد أوضحت عليها موقع المسجد الجامع بالبطالية

المسجد الجامع بالبطالية كما يبدو من الجهة الغربية قبل ترميم هيئة السياحة والآثار
المسجد الجامع كما يبدو من الجهة الجنوبية الشرقية قبل ترميم هيئة السياحة والآثار
رواقا المسجد الجامع من الداخل قبل ترميم هيئة السياحة والآثار.
المسجد الجامع كما يبدو من الشرق بعد ترميم هيئة السياحة والآثار، والصورة مقتبسة من الشبكة
اللوحة التعريفية بالمسجد الجامع وقد كتب اسمه عليها (مسجد الجعلانية)، وهو خطأ تاريخي أوضحته من خلال البحث






الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

وثيقة تثبت صحة ما توصلت إليه في كتابي (هجر وقصباتها الثلاث؛ المشقر والصفا والشبعان ونهرها محلم) من أنّ قوع (أبو حَصِيْص) هو قوع (الصَّفا)

وثيقة تثبت صحة ما توصلت إليه في كتابي

(هجر وقصباتها الثلاث؛ المشقر والصفا والشبعان ونهرها محلم)

من أنّ قوع (أبو حَصِيْص) هو قوع (الصَّفا) 


     وأخيراً وجدتها


    عندما نشرتُ كتابي (هجر وقصباتها الثلاث) عام 1425هـ؛ كان من النتائج التي توصلت إليها فيه هو أنّ التلّ المسمى الآن بـ(تلّ أبو الحصيص)، والأرض التي تحيط به، والتي تسمى بـ(قوع أبو الحصيص) الواقعين شمال شرق قرية التويثير هو الموضع الذي كان يقوم فيه الحصن الهَجري الشهير المسمى (الصَّـفا) الوارد كثيراً في شعر العرب قبل الإسلام وبعده، ومنه البيت الشهير لامرئ القيس الذي يقول فيه واصفاً النخل الواقع بين هذا الحصن وبين توءمه حصن المشقر:
أو المكرعات من نخيل بن يامن
               دوين الصّفا اللائي يلين المشقرا
     وعندما صدر كتابي المذكور لم يستسغ البعض من الذين رفضوا النتيجة التي توصلت إليها بخصوص تحديدي لموضع حصن الصّفا، وأنه كان يقوم في هذا الموضع المسمى الآن بقوع (أبو الحصيص)، وها هي محاسن الصدف تهبني أخيراً هذه الوثيقة التحفة التي ورد فيها تسمية (قوع أبو الحصيص) باسمه القديم (قوع الصَّفا) (انظر حيث يشير السهم في صورة الوثيقة أدناه)، وهذه الوثيقة هي وثيقة بيع أحسائية يوجد عليها اسم وختم الشيخ عمران السليم أحد علماء الدين الأحسائيين المعروفين، والمتوفى عام 1360هـ.

وإنني إذ أنشر هذه الوثيقة هنا، فإنني أتقدم بالشكر الجزيل إلى الصديق العزيز الأستاذ أحمد بن عبد المحسن البدر على إهدائه لي هذه الوثيقة الكنز.

عبد الخالق بن عبد الجليل الجنبي
القطيف 26 ذو القعدة 1436هـــ.





غلاف الطبعة الثانية من كتابي (هجر وقصباتها الثلاث)



هذا هو تل (أبو حصيص) الذي أوضحت رأيي
في أنه هو الذي كان يقوم عليه حصن الصّفا، والقوع
المحيط به هو قوع الصفا الوارد في الوثيقة المنشورة أعلاه
وهذه الصورة منشورة في كتابي المذكور أيضاً.